ثم تحول رسول الله ﷺ الى أهل الاخبية والوطيح والسلالم حصني أبى الحقيق وتحصنوا أشد التحصن وجاء اليهم كل من كان انهزم من النطاة الى الشق فتحصنوا معهم في القموص وفي الكتيبة وكان حصنا منيعا وفي الوطيح والسلام وجعلوا لا يطلعون من حصونهم حتى همّ رسول الله ﷺ أن ينصب المنجنيق عليهم فلما أيقنوا بالهلكة وقد حصرهم رسول الله ﷺ أربعة عشر يوما نزل اليه ابن أبى الحقيق فصالحه على حقن دمائهم ويسيرهم ويخلون بين رسول الله ﷺ وبين ما كان لهم من الأرض والأموال والصفراء والبيضاء والكراع والحلقة وعلى البز الا ما كان على ظهر إنسان يعنى لباسهم
فقال رسول الله ﷺ وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسول ان كتمتم شيئا فصالحوه على ذلك قلت ولهذا لما كتموا وكذبوا وأخفوا ذلك المسك الّذي كان فيه أموال جزيلة تبين انه لا عهد لهم فقتل ابني أبى الحقيق وطائفة من أهله بسبب نقض العهود منهم والمواثيق
وقال الحافظ البيهقي حدّثنا أبو الحسن على بن محمد المقري الأسفراييني حدثنا الحسن بن محمد ابن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا حماد بن سلمة حدثنا عبيد الله بن عمر فيما يحسب أبو سلمة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم الى قصرهم فغلب على الأرض والزرع والنخل فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله ﷺ الصفراء والبيضاء ويخرجون منها واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا فان فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكا فيه مال وحلى لحيي بن أخطب وكان احتمله معه الى خيبر حين أجليت النضير فقال رسول الله ﷺ حينئذ: ما فعل مسك حيي الّذي جاء به من النضير فقال أذهبته النفقات والحروب فقال العهد قريب والمال أكثر من ذلك فدفعه رسول الله ﷺ الى الزبير فمسه بعذاب وقد كان حيي قبل ذلك دخل خربة فقال قد رأيت حييا يطوف في خربة هاهنا فذهبوا فطافوا فوجدوا المسك في الخربة فقتل رسول الله ﷺ ابني أبى الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب وسبى رسول الله ﷺ نساءهم وذراريهم وقسم أموالهم بالنكث الّذي نكثوا وأراد اجلاءهم منهما فقالوا يا محمد دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها ولم يكن لرسول الله ﷺ ولا لأصحابه غلال يقومون عليها وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخيل وشيء ما بدا لرسول الله ﷺ وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام فيخرجها عليهم ثم يضمنهم الشطر فشكوا الى رسول الله ﷺ شدة خرصه وأرادوا أن يرشوه فقال يا أعداء الله تطعمونى السحت والله لقد جئتكم من عند أحب الناس الى ولأنتم أبغض إلى من عدتكم من القردة والخنازير ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم فقالوا بهذا قامت السموات والأرض. قال فرأى رسول الله ﷺ