بادر إلى مالك ورّثه … ما المرء في الدنيا بلباث
كم جامع يخنق أكياسه … قد صار في ميزان ميراث
وله أيضا
يا ذا الغنى والسطوة القاهرة … والدولة الناهية الآمرة
ويا شياطين بنى آدم … ويا عبيد الشهوة الفاجرة
انتظروا الدنيا وقد أدبرت … وعن قليل تلد الآخرة
وله أيضا
ابك يا نفس وهاتي … توبة قبل الممات
قبل أن يفجعنا الدهر … ببين وشتات
لا تخونينى إذا مت … وقامت بى نعاتى
إنما الوفي بعهدي … من وفى بعد وفاتي
قال الصولي: نظر ابن المعتز في حياة أبيه الخليفة إلى جارية فأعجبته فمرض من حبها، فدخل أبوه عليه عائدا فقال له: كيف تجدك؟ فأنشأ يقول:
أيها العاذلون لا تعذلوني … وانظروا حسن وجهها تعذرونى
وانظروا هل ترون أحسن منها … إن رأيتم شبيهها فاعذلونى
قال: ففحص الخليفة عن القصة واستعلم خبر الجارية ثم بعث إلى سيدها فاشتراها منه بسبعة آلاف دينار، وبعث بها إلى ولده. وقد تقدم أن في ربيع الأول من هذه السنة اجتمع الأمراء والقضاة على خلع المقتدر وتولية عبد الله بن المعتز هذا ولقب بالمرتضى والمنتصف بالله، فما مكث بالخلافة إلا يوما أو بعض يوم، ثم انتصر المقتدر وقتل غالب من خرج عليه واعتقل ابن المعتز عنده في الدار، ووكل به يونس الخادم فقتل في أوائل ربيع الآخر لليلتين خلتا منه، ويقال إنه أنشد في آخر يوم من حياته وهو معتل:
يا نفس صبرا لعل الخير عقباك … خانتك من بعد طول الأمن دنياك
مرت بنا سحرا طير فقلت لها … طوباك يا ليتني إياك طوباك
إن كان قصدك شرقا فالسلام على … شاطئ الصراة بلغى إن كان مسراك
من موثق بالمنايا لا فكاك له … يبكى الدماء على إلف له باكي
فرب آمنة جاءت منيتها … ورب مفلتة من بين أشراك
أظنه آخر الأيام من عمري … وأوشك اليوم أن يبكى لي الباكي
ولما قدم ليقتل أنشأ يقول:
فقل للشامتين بنا رويدا … أمامكم المصائب والخطوب