للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرير: ثم اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله على الإسلام فجلس لهم - فيما بلغني - على الصفا وعمر بن الخطاب أسفل من مجلسه، فأخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا قال فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة متنقبة متنكرة لحدثها لما كان من صنيعها بحمزة [فهي تخاف أن يأخذها رسول الله بحدثها ذلك، فلما دنين من رسول الله ليبايعهن قال «بايعننى على أن لا تشركن بالله شيئا» فقالت هند والله إنك لتأخذ علينا ما لا تأخذه من الرجال؟ «ولا تسرقن» فقالت والله إني كنت أصبت من مال أبى سفيان الهنة بعد الهنة وما كنت أدرى أكان ذلك علينا حلالا أم لا؟ فقال أبو سفيان - وكان شاهدا لما تقول - أما ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل، فقال رسول الله «وإنك لهند بنت عتبة؟» قالت نعم فاعف عما سلف عفا الله عنك ثم قال «ولا يزنين» فقالت يا رسول الله وهل تزني الحرة؟ ثم قال «ولا تقتلن أولادكن» قالت قد ربيناهم صغارا حتى قتلتهم أنت وأصحابك ببدر كبارا (١) فضحك عمر بن الخطاب حتى استغرق ثم قال «ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن» فقالت والله إن إتيان البهتان لقبيح، ولبعض التجاوز أمثل ثم قال «ولا يعصيننى» فقالت في معروف، فقال رسول الله لعمر «بايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم» فبايعهن عمر وكان رسول الله لا يصافح النساء ولا يمس الا امرأة أحلها الله له أو ذات محرم منه. وثبت في الصحيحين عن عائشة أنها قالت: لا والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط

وفي رواية ما كان يبايعهن الا كلاما ويقول «إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة»

وفي الصحيحين عن عائشة أن هندا بنت عتبة امرأة أبى سفيان أتت رسول الله فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفى بنى فهل على من حرج إذا أخذت من ماله بغير علمه؟ قال خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفى بنيك (٢)] [وروى البيهقي من طريق يحيى بن بكير عن الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله ما كان مما على وجه الأرض أخباء أو خباء - الشك من أبى بكر - أحب الى من أن يذلوا من أهل أخبائك - أو خبائك - ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل أخباء أو خباء أحب إلى من أن يعزوا من أهل أخبائك أو خبائك فقال رسول الله «وأيضا والّذي نفس محمد بيده» قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل على حرج أن اطعم من الّذي له؟ قال «لا بالمعروف» ورواه البخاري عن يحيى بن بكير بنحوه وتقدم ما يتعلق بإسلام أبى سفيان] (٣)


(١) هذه رواية السهيليّ وفي الأصول: أفتقتلهم كبارا فأنت وهم أعلم.
(٢) ما بين المربعين لم يرد في نسخة دار الكتب المصرية.
(٣) ما بين المربعين عن النسخة التيمورية ولم يرد في غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>