للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعرضت له فصلّى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أن نغير عليهم ثم لم يعزم لنا - وكانت فيه خيرة - فاطلع على ما في أنفسنا من الهم به فصلّى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك منا موقعا وقلت الرجل ممنوع فاعتزلنا، وعدل عن سير خيلنا وأخذ ذات اليمين، فلما صالح قريشا بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قلت في نفسي أي شيء بقي؟ أين أذهب الى النجاشي! فقد اتبع محمد وأصحابه عنده آمنون، فاخرج الى هرقل فأخرج من ديني الى نصرانية أو يهودية، فأقيم في عجم، فأقيم في داري بمن بقي فانا في ذلك إذ دخل رسول الله مكة في عمرة القضية فتغيبت ولم أشهد دخوله، وكان أخى الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي في عمرة القضية، فطلبني فلم يجدني فكتب الى كتابا فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فانى لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك! ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله عنك وقال أين خالد؟ فقلت يأتى الله به، فقال «مثله جهل الإسلام؟ ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره» فاستدرك يا أخى ما قد فاتك [من] مواطن صالحة. قال فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرني سؤال رسول الله عنى، وأرى في النوم كأنى في بلاد ضيقة مجدبة فخرجت في بلاد خضراء واسعة فقلت إن هذه لرؤيا، فلما أن قدمت المدينة قلت لأذكرنها لأبي بكر، فقال مخرجك الّذي هداك الله للإسلام، والضيق الّذي كنت فيه من الشرك، قال فلما أجمعت الخروج الى رسول الله قلت من أصاحب الى رسول الله ؟ فلقيت صفوان بن أمية فقلت يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه إنما نحن كاضراس وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد واتبعناه فان شرف محمد لنا شرف؟ فأبى أشد الاباء فقال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبدا. فافترقنا وقلت هذا رجل قتل أخوه وأبوه ببدر، فلقيت عكرمة بن أبى جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية، قلت فأكتم على قال لا أذكره، فخرجت الى منزلي فأمرت براحلتى فخرجت بها الى أن لقيت عثمان بن طلحة فقلت إن هذا لي صديق فلو ذكرت له ما أرجو، ثم ذكرت من قتل من آبائه فكرهت أن أذكره، ثم قلت وما على وأنا راحل من ساعتي فذكرت له ما صار الأمر اليه فقلت إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لوصب فيه ذنوب من ماء لخرج، وقلت له نحوا مما قلت لصاحبي فأسرع الاجابة، وقلت له انى غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو وهذه راحلتي بفج مناخة، قال فاتعدت أنا وهو يأجج إن سبقني أقام وإن سبقته أقمت عليه، قال فادلجنا سحرا فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج، فغدونا حتى انتهينا الى الهدة فنجد عمرو بن العاص بها، قال مرحبا بالقوم فقلنا وبك، فقال إلى أين مسيركم؟ فقلنا وما أخرجك؟ فقال وما أخرجكم؟ قلنا الدخول في الإسلام واتباع محمد ، قال وذاك الّذي أقدمنى، فاصطحبنا جميعا حتى دخلنا المدينة فأنخنا بظهر الحرة

<<  <  ج: ص:  >  >>