مكة وعليهم سهل بن حنيف، وثبت ربيعة مع على ﵁ واقترب أهل الشام منه حتى جعلت نبالهم تصل إليه، وتقدم إليه مولى لبني أمية فاعترضه مولى لعلى فقتله الأموي وأقبل يريد عليا وحوله بنوه الحسن الحسين ومحمد بن حنفية، فلما وصل إلى على أخذه على بيده فرفعه ثم ألقاه على الأرض فكسر عضده ومنكبه وابتدره الحسين ومحمد بأسيافهما فقتلاه
فقال على للحسن ابنه وهو واقف معه: ما منعك أن تصنع كما صنعا فقال: كفيان أمره يا أمير المؤمنين وأسرع إلى على أهل الشام فجعل على لا يزيده قربهم منه سرعة في مشيته، بل هو سائر على هينته، فقال له ابنه الحسن: يا أبة لو سعيت أكثر من مشيتك هذه فقال. يا بنى إن لأبيك يوما لن يعدوه ولا يبطئ به عنه السعي ولا يعجل به إليه المشي إن أباك والله ما يبالي وقع على الموت أو وقع عليه ثم إن عليا أمر الأشتر النخعي أن يلحق المنهزمين فيردهم فسار فأسرع حتى استقبل المنهزمين من العراق فجعل يؤنبهم ويوبخهم ويحرض القبائل والشجعان منهم على الكرة فجعل طائفة تتابعه وآخرون يستمرون في هزيمتهم فلم يزل ذلك دأبه حتى اجتمع عليه خلق عظيم من الناس فجعل لا يلقى قبيلة إلا كشفها ولا طائفة إلا ردها حتى انتهى إلى أمير الميمنة وهو عبد الله بن بديل ومعه نحو في ثلاثمائة قد ثبتوا في مكانهم فسألوا عن أمير المؤمنين فقالوا حي صالح فالتفوا إليه، فتقدم بهم حتى تراجع كثير من الناس وذلك ما بين صلاة العصر إلى الغروب، وأراد ابن بديل أن يتقدم إلى أهل الشام فأمره الأشتر أن يثبت مكانه فإنه خير له فأبى عليه ابن بديل، وحمل نحو معاوية، فلما انتهى إليه وجده واقفا أمام أصحابه وفي يده سيفان وحوله كتائب أمثال الجبال، فلما اقترب ابن بديل تقدم إليه جماعة منهم فقتلوه وألقوه إلى الأرض قتيلا، وفر أصحابه منهزمين وأكثرهم مجروح فلما انهزم أصحابه قال معاوية لأصحابه انظروا إلى أميرهم، فجاءوا إليه فلم يعرفوه فتقدم معاوية إليه فإذا هو عبد الله بن بديل، فقال معاوية:
هذا والله كما قال الشاعر، وهو حاتم الطائي:
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها … وإن شمرت يوما به الحرب شمرا
ويحمى إذا ما الموت كان لقاؤه … كذلك ذو الأشبال يحمى إذا ما تأمرا
كليث هزبر كان يحمى ذماره … رمته المنايا سهمها فتقطرا
ثم حمل الأشتر النخعي بمن رجع معه من المنهزمين فصدق الحملة حتى خالط الصفوف الخمسة الذين تعاقدوا أن لا يفروا وهم حول معاوية، فخرق منهم أربعة وبقي بينه وبين معاوية صف، قال الأشتر فرأيت هولا عظيما، وكدت أن أفر فما ثبتني إلا قول ابن الاطنابة وهي أمه من بلقين وكان هو من الأنصار وهو جاهلى: