عن الهام، وألبوا إلى أطراف الرماح فإنه أفوق للأسنة، وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلب، وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار، راياتكم لا تميلوها ولا نزيلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم.
وقد ذكر علماء التاريخ وغيرهم أن عليا ﵁ بارز في أيام صفين وقاتل وقتل خلقا حتى ذكر بعضهم أنه قتل خمسمائة، فمن ذلك أن كريب بن الصباح قتل أربعة من أهل العراق تم وضعهم تحت قدميه ثم نادى: هل من مبارز؟ فبرز إليه على فتجاولا ساعة ثم ضربه على فقتله ثم قال على: هل من مبارز؟ فبرز إليه الحارث بن وداعة الحميري فقتله، ثم برز إليه رواد ابن الحارث الكلاعي فقتله، ثم برز إليه المطاع بن المطلب القيسي فقتله. فتلا على قوله تعالى ﴿وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ﴾ ثم نادى ويحك يا معاوية! ابرز إلى ولا تفنى العرب بيني وبينك، فقال له عمرو بن العاص: اغتنمه فإنه قد أثخن بقتل هؤلاء الأربعة، فقال له معاوية: والله لقد علمت أن عليا لم يقهر قط، وإنما أردت قتلى لتصيب الخلافة من بعدي، اذهب إليك! فليس مثلي يخدع وذكروا أن عليا حمل على عمرو بن العاص يوما فضربه بالرمح فألقاه إلى الأرض فبدت سوأته فرجع عنه، فقال له أصحابه: مالك يا أمير المؤمنين رجعت عنه؟ فقال: أتدرون ما هو؟ قالوا: لا! قال: هذا عمرو بن العاص تلقاني بسوءته فذكرني بالرحم فرجعت عنه، فلما رجع عمرو إلى معاوية قال له: احمد الله واحمد استك.
وقال إبراهيم بن الحسين بن ديزيل: ثنا يحيى ثنا نصر ثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن نمير الأنصاري قال: والله لكأنّي أسمع عليا وهو يقول لأصحابه يوم صفين أما تخافون مقت الله حتى متى، ثم انفتل إلى القبلة يدعو ثم قال: والله ما سمعنا برئيس أصاب بيده ما أصاب على يومئذ إنه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة رجل، يخرج فيضرب بالسيف حتى ينحنى ثم يجيء فيقول معذرة إلى الله وإليكم والله لقد هممت أن أقلعه ولكن يحجزني عنه أنى سمعت رسول الله ﷺ يقول «لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على» قال: فيأخذه فيصلحه ثم يرجع به. وهذا إسناد ضعيف وحديث منكر وحدثنا يحيى ثنا ابن وهب أخبرنى الليث عن يزيد بن حبيب أنه أخبره من حضر صفين مع على ومعاوية قال ابن وهب: وأخبرنى ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن ربيعة بن لقيط قال: شهدنا صفين مع على ومعاوية قال فمطرت السماء علينا دما عبيطا قال الليث في حديثه حتى أن كانوا ليأخذونه بالصحاف والآنية قال ابن لهيعة: فتمتلى ونهريقها وقد ذكرنا أن عبد الله بن بديل كسر الميسرة التي فيها حبيب بن مسلمة حتى أضافها إلى القلب فأمر معاوية الشجعان أن يعاونوا حبيبا على الكرة وبعث إليه معاوية يأمره بالحملة والكرة على ابن بديل، فحمل حبيب بمن معه من الشجعان على ميمنة أهل العراق فأزالوهم عن أماكنهم وانكشفوا عن أميرهم حتى لم يبق معه إلا زهاء ثلاثمائة وانجفل بقية أهل العراق، ولم يبق مع على من تلك القبائل إلا أهل