لكنني أسأل الرحمن مغفرة … وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حرّان مجهزة … بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثى … أرشده الله من غاز وقد رشدا
قال ابن إسحاق: ثم أن القوم تهيئوا للخروج فأتى عبد الله بن رواحة رسول الله ﷺ فودعه ثم قال:
فثبت الله ما آتاك من حسن … تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
إني تفرست فيك الخير نافلة … الله يعلم أنى ثابت البصر
أنت الرسول فمن يحرم نوافله … والوجه منه فقد أزرى به القدر
قال ابن إسحاق: ثم خرج القوم وخرج رسول الله ﷺ يشيعهم حتى إذا ودعهم وانصرف، قال عبد الله بن رواحة:
خلف السلام على امرئ ودعته … في النخل خير مشيع وخليل
وقال الامام أحمد: حدثنا عبد الله بن محمد ثنا أبو خالد الأحمر عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ بعث الى مؤتة فاستعمل زيدا، فان قتل زيد فجعفر فان قتل جعفر فابن رواحة، فتخلف ابن رواحة فجمع مع النبي ﷺ فرآه فقال «ما خلفك؟» فقال اجمع معك «قال الغدوة أو روحة خير من الدنيا وما فيها».
وقال أحمد ثنا أبو معاوية ثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: بعث رسول الله ﷺ عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة، قال فقدّم أصحابه وقال أتخلف فأصلّي مع رسول الله ﷺ الجمعة ثم ألحقهم، قال فلما صلّى رسول الله ﷺ رآه فقال «ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟» فقال أردت ان أصلّى معك الجمعة ثم ألحقهم، فقال رسول الله ﷺ «لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت غدوتهم».
وهذا الحديث قد رواه الترمذي من حديث أبى معاوية عن الحجاج - وهو ابن ارطاة - ثم علله الترمذي بما حكاه عن شعبة انه قال لم يسمع الحكم عن مقسم الا خمسة أحاديث وليس هذا منها.
قلت والحجاج بن أرطاة في روايته نظر والله أعلم، والمقصود من إيراد هذا الحديث انه يقتضي أن خروج الأمراء الى مؤتة كان في يوم جمعة والله أعلم.
قال ابن إسحاق: ثم مضوا حتى نزلوا معانا من ارض الشام فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم اليه من لخم وجذام والقين وبهراء وبلى مائة ألف منهم عليهم رجل من بلى، ثم احد اراشة يقال له مالك بن رافلة، وفي رواية يونس عن ابن إسحاق فبلغهم ان هرقل نزل بمآب في مائة ألف من الروم ومائة ألف من المستعربة، فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا