يجدوا شيئا حتى أكلوا العهن، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ ٢٣: ٧٦ قَالَ فَدَعَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ. ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ فِي قِصَّةِ أَبِي سُفْيَانَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الهجرة، ولعله كان مرتين والله أعلم.
فَصْلٌ
ثُمَّ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ قِصَّةَ فَارِسَ وَالرُّومِ وَنُزُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ، لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ٣٠: ١- ٥. ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حبيب بن أبى عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّومِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ لِأَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ سَيَظْهَرُونَ» فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ لِلْمُشْرِكِينَ فَقَالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلًا إِنْ ظَهَرُوا كَانَ لَكَ كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ ظَهَرْنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم فقال: «ألا جعلته أداة» . قال دون العشر فَظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقَدْ أَوْرَدْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّفْسِيرِ وَذَكَرْنَا أَنَّ الْمُبَاحِثَ- أي المراهن- لأبي بكر أمية ابن خَلَفٍ وَأَنَّ الرَّهْنَ كَانَ عَلَى خَمْسِ قَلَائِصَ، وَأَنَّهُ كَانَ إِلَى مُدَّةٍ، فَزَادَ فِيهَا الصِّدِّيقُ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الرَّهْنِ. وَأَنَّ غَلَبَةَ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ- أَوْ كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ- فاللَّه أَعْلَمُ.
ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أُسَيْدٌ الْكِلَابِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعَلَاءَ بْنَ الزُّبَيْرِ الْكِلَابِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: رَأَيْتُ غَلَبَةَ فَارِسَ الرُّومَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الرُّومِ فَارِسَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الْمُسْلِمِينَ فَارِسَ وَالرُّومَ وَظُهُورَهُمْ عَلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، كُلُّ ذَلِكَ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً
. فَصْلٌ
فِي الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ مَكَّةَ إلى بيت المقدس ثم عروجه من هناك إلى السموات وَمَا رَأَى هُنَالِكَ مِنَ الْآيَاتِ ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَحَادِيثَ الْإِسْرَاءِ فِي أَوَائِلِ الْبَعْثَةِ، وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرَهَا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ بَعْدَ الْبِعْثَةِ بِنَحْوٍ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ:
أُسَرِي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِسَنَةٍ. قَالَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ. ثم روى الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ. أَنَّهُ قَالَ: فُرِضَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَمْسُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute