للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليلة أسرى به قبل مهاجره بستة عشر شهرا، فعلى قول السدي يكون الاسراء في شهر ذي القعدة، وعلى قول الزهري وعروة يكون في ربيع الأول. وقال أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عثمان عن سعيد ابن مينا عن جابر وابن عباس. قالا: ولد رسول الله عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول. وفيه بعث، وفيه عرج به إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات. فيه انقطاع. وقد اختاره الحافظ عبد الغنى بن سرور المقدسي في سيرته وقد أورد حديثا لا يصح سنده ذكرناه في فضائل شهر رجب أن الاسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب والله أعلم. ومن الناس من يزعم أن الاسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب وهي ليلة الرغائب التي أحدثت فيها الصلاة المشهورة ولا أصل لذلك والله أعلم. وينشد بعضهم في ذلك:

ليلة الجمعة عرج بالنبيّ … ليلة الجمعة أول رجب

وهذا الشعر عليه ركاكة وانما ذكرناه استشهادا لمن يقول به. وقد ذكرنا الأحاديث الواردة في ذلك مستقصاة عند قوله تعالى ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ فلتكتب من هناك على ما هي عليه من الأسانيد والعزو، والكلام عليها ومعها ففيها مقنع وكفاية ولله الحمد والمنة.

ولنذكر ملخص كلام ابن إسحاق فإنه قال بعد ذكر ما تقدم من الفصول: ثم أسرى برسول الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - وهو بيت المقدس من إيلياء - وقد فشا الإسلام بمكة في قريش وفي القبائل كلها. قال وكان من الحديث فيما بلغني عن مسراه عن ابن مسعود وأبى سعيد وعائشة ومعاوية وأم هانئ بنت أبى طالب والحسن بن أبى الحسن وابن شهاب الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم ما اجتمع في هذا الحديث كل يحدث عنه بعض ما ذكر لي من أمره وكان في مسراه وما ذكر لي منه بلاء، وتمحيص وأمر من أمر الله وقدرته وسلطانه فيه عبرة لأولى الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق وكان من أمر الله على يقين، فاسرى به كيف شاء وكما شاء ليريه من آياته ما أراد حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم وقدرته التي يصنع بها ما يريد. وكان عبد الله بن مسعود فيما بلغني يقول: أتى رسول الله بالبراق وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها في موضع منتهى طرفها فحمل عليها ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له فصلى بهم ثم أتى بثلاثة آنية من لبن وخمر، وماء. فذكر أنه شرب إناء اللبن، فقال لي جبريل هديت وهديت أمتك. وذكر ابن إسحاق في سياق الحسن البصري مرسلا أن جبريل أيقظه ثم خرج به إلى باب المسجد الحرام فأركبه

<<  <  ج: ص:  >  >>