نائب أبى جعفر المنصور في أيام المنصور، فقتله وبعث برأسه وبابنين له أخذهما أسيرين فأطلقهما المنصور في أيامه. وقد قيل إن وقعة السفياني يوم الثلاثاء آخر يوم من ذي الحجة سنة ثنتين وثلاثين ومائة فالله أعلم.
وممن خلع السفاح أيضا أهل الجزيرة حين بلغهم أن أهل قنسرين خلعوا، فوافقوهم وبيضوا وركبوا إلى نائب حران من جهة السفاح - وهو موسى بن كعب - وكان في ثلاثة آلاف قد اعتصم بالبلد، فحاصروه قريبا من شهرين، ثم بعث السفاح أخاه أبا جعفر المنصور فيمن كان بواسط محاصري ابن هبيرة، فمر في مسيره إلى حران بقرقيسياء وقد بيضوا فغلقوا أبوابها دونه، ثم مر بالرقة وعليها بكار بن مسلم وهم كذلك، ثم بحاجر وعليها إسحاق بن مسلم فيمن معه من أهل الجزيرة يحاصرونها فرحل إسحاق عنها إلى الرّها، وخرج موسى بن كعب فيمن معه من جند حران فتلقاه المنصور ودخلوا في جيشه، وقدم بكار بن مسلم على أخيه إسحاق بن مسلم بالرها فوجهه إلى جماعة ربيعة بدارا وماردين، ورئيسهم حروري يقال له بريكة، فصارا حزبا واحدا، فقصد إليهم أبو جعفر فقاتلهم قتالا شديدا، فقتل بريكة في المعركة، وهرب بكار إلى أخيه بالرها، فاستخلفه بها ومضى بمعظم العسكر [حتى نزل] سميساط وخندق على عسكره، وأقبل أبو جعفر فحاصر بكارا بالرها، وجرت له معه وقعات. وكتب السفاح إلى عمه عبد الله بن على أن يسير إلى سميساط وقد اجتمع على إسحاق بن مسلم ستون ألفا من أهل الجزيرة، فسار إليهم عبد الله واجتمع إليه أبو جعفر المنصور، فكاتبهم إسحاق وطلب منهم الأمان فأجابوه إلى ذلك، على إذن أمير المؤمنين. وولى السفاح أخاه أبا جعفر المنصور الجزيرة وأذربيجان وأرمينية، فلم يزل عليها حتى أفضت إليه الخلافة بعد أخيه، ويقال إن إسحاق بن مسلم العقيلي إنما طلب الأمان لما تحقق أن مروان قد قتل، وذلك بعد مضى سبعة أشهر وهو محاصر، وقد كان صاحبا لأبى جعفر المنصور فآمنه.
وفي هذه السنة ذهب أبو جعفر المنصور عن أمر أخيه السفاح إلى أبى مسلم الخراساني وهو أميرها، ليستطلع رأيه في قتل أبى سلمة، لأنه كان يريد أن يصرف الخلافة عنهم، فيسأله هل ذلك كان عن ممالأة أبى مسلم لأبى سلمة في ذلك أم لا؟ فسكت القوم، فقال السفاح: لئن كان هذا عن رأيه إنا لبعر بلاء عظيم، إلا أن يدفعه الله عنا. قال أبو جعفر فقال لي أخى: ما ترى؟ فقلت: الرأى رأيك. فقال: إنه ليس أحد أخصّ بأبي مسلم منك، فاذهب إليه فاعلم لي علمه، فان كان عن رأيه احتلنا له، وإن لم يكن عن رأيه طابت أنفسنا. قال أبو جعفر: فخرجت إليه قاصدا على وجل. قال المنصور: فلما وصلت إلى الري إذا كتاب أبى ملم إلى نائبها يستحثنى إليه في المسير، فازددت وجلا، فلما انتهيت إلى نيسابور إذا كتابه يستحثنى أيضا وقال لنائبها: لا تدعه يقر ساعة