للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» فهو مأجور. وقال الامام مالك بن أنس: كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر.

وفي سادس عشرين ذي القعدة نقل تنكز حواصله وأمواله من دار الذهب داخل باب الفراديس إلى الدار التي أنشأها، وتعرف بدار فلوس، فسميت دار الذهب، وعزل خزنداره ناصر الدين محمد ابن عيسى، وولى مكانه مملوكه أباجى. وفي ثانى عشرين القعدة جاء إلى مدينة عجلون سيل عظيم من أول النهار إلى وقت العصر، فهدم من جامعها وأسواقها ورباعها ودورها شيئا كثيرا، وغرق سبعة نفر، وهلك للناس شيء كثير من الأموال والغلات والأمتعة والمواشي ما يقارب قيمته ألف ألف درهم والله أعلم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفي يوم الأحد ثامن عشر ذي الحجة ألزم القاضي الشافعيّ الشيخ علاء الدين القونوي جماعة الشهود بسائر المراكز أن يرسلوا في عمائمهم العذبات ليتميزوا بذلك عن عوام الناس، ففعلوا ذلك أياما ثم تضرروا من ذلك فأرخص لهم في تركها، ومنهم من استمر بها. وفي يوم الثلاثاء عشرين ذي الحجة أفرج عن الشيخ الامام العالم العلامة أبى عبد الله شمس الدين ابن قيم الجوزية، وكان معتقلا بالقلعة أيضا، من بعد اعتقال الشيخ تقى الدين بأيام من شعبان سنة ست وعشرين إلى هذا الحين، وجاء الخبر بأن السلطان أفرج عن الجاولي والأمير فرج بن قراسنقر، ولاجين المنصوري، وأحضروا بعد العيد بين يديه، وخلع عليهم. وفيه وصل الخبر بموت الأمير الكبير جوبان نائب السلطان أبى سعيد على تلك البلاد، ووفاة قراسنقر المنصوري أيضا كلاهما في ذي القعدة من هذه السنة، وجوبان هذا هو الّذي ساق القناة الواصلة إلى المسجد الحرام، وقد غرم عليها أموالا جزيلة كثيرة، وله تربة بالمدينة النبويّة، ومدرسة مشهورة، وله آثار حسنة، وكان جيد الإسلام له همة عالية وقد دبر الممالك في أيام أبى سعيد مدة طويلة على السداد، ثم أراد أبو سعيد مسكه فتخلص من ذلك كما ذكرنا، ثم إن أبا سعيد قتل ابنه خواجا رمشق في السنة الماضية ففر ابنه الآخر تمرتاش هاربا إلى سلطان مصر، فآواه شهرا ثم ترددت الرسل بين الملكين في قتله فقتله صاحب مصر فيما قيل وأرسل برأسه إليه، ثم توفى أبوه بعده بقليل، والله أعلم بالسرائر.

وأما قراسنقر المنصوري فهو من جملة كبار أمراء مصر والشام، وكان من جملة من قتل الأشرف خليل بن المنصور كما تقدم، ثم ولى نيابة مصر مدة، ثم صار إلى نيابة دمشق ثم إلى نيابة حلب، ثم فر إلى التتر هو والافرم والزركاشى فآواهم ملك التتار خربندا وأكرمهم وأقطعهم بلادا كثيرة، وتزوج قراسنقر بنت هولاكو ثم كانت وفاته بمراغة بلده التي كان حاكما بها في هذه السنة، وله نحو تسعين سنة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>