للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاثنين لثمان خلون من جمادى منها. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ أَمَرَ بِقَتْلِ عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ الصَّفَّارِ- وَكَانَ مُعْتَقَلًا فِي سِجْنِ أَبِيهِ- وَأَمَرَ بِتَخْرِيبَ الْمَطَامِيرَ الَّتِي كَانَ اتَّخَذَهَا أَبُوهُ للمسجونين وَأَمَرَ بِبِنَاءِ جَامِعٍ مَكَانَهَا وَخَلَعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَلَى الْوَزِيرِ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن سليمان سِتَّ خِلَعٍ وَقَلَّدَهُ سَيْفًا، وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ ولى الخلافة خمسا وعشرين سنة وبعض أشهر.

وفيها انتشرت القرامطة فِي الْآفَاقِ وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى الْحَجِيجِ، وَتَسَمَّى بعضهم بأمير المؤمنين.

فبعث المكتفي إليهم جيشا كثيرا وأنفق فيهم أموالا جزيلة، فأطفأ الله بعض شرهم. وفيها خرج محمد ابن هَارُونَ عَنْ طَاعَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيِّ، وكاتب أَهْلُ الرَّىِّ بَعْدَ قَتْلِهِ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ الطالبي، فصار إليهم فسلموا البلد إليه فاستحوذ عليها، فقصده إسماعيل بن أحمد الساماني بِالْجُيُوشِ فَقَهَرَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُنْتَظَمِ: وَفِي يَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا صَلَّى النَّاسُ الْعَصْرَ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ وَعَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصَّيْفِ، فَهَبَّتْ ريح باردة جدا حتى احتاج الناس إلى الاصطلاء بالنار، ولبسوا الفرا والْمَحْشُوَّاتِ وَجَمَدَ الْمَاءُ كَفَصْلِ الشِّتَاءِ. قَالَ ابْنُ الأثير: ووقع بمدينة حمص مثل ذلك، وهب رِيحٌ عَاصِفٌ بِالْبَصْرَةِ فَاقْتَلَعَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ نخيلها، وخسف بموضع فيها فمات تحته سبعة آلاف نسمة. قال ابن الجوزى. وابن الأثير: وزلزلت بغداد في رجب منها مرات متعددة ثم سكنت. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ.

وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَحَدُ الصُّوفِيَّةِ الْكِبَارِ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ:

وَهُوَ من أقران السري السقطي. قال: لأن ترد إلى الله ذرة من همك خير لك مما طلعت عليه الشمس. أحمد بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعْتَضِدُ باللَّه غَلَبَ عَلَيْهِ سُوءُ المزاج والجفاف من كثرة الْجِمَاعِ، وَكَانَ الْأَطِبَّاءُ يَصِفُونَ لَهُ مَا يُرَطِّبُ بدنه به فيستعمل ضد ذلك حتى سقطت قوته.

[بدر غلام المعتضد رأس الجيش]

كان القاسم الوزير قد عزم عَلَى أَنْ يَصْرِفَ الْخِلَافَةَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُعْتَضِدِ وَفَاوَضَ بِذَلِكَ بَدْرًا هَذَا فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ وَأَبَى، فلما ولى المكتفي بن المعتضد خلف الوزير غائلة ذلك فحسن الوزير للمكتفى قبل بدر هذا، فبعث المكتفي فاحتاط على حواصله وأمواله وهو بواسط، وبعث الوزير إليه بالأمان، فلما قدم بدر بعث إليه من قتله يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِسِتٍّ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ قَطَعَ رَأْسَهُ وَبَقِيَتْ جُثَّتُهُ أخذها أهله فبعثوا بها إلى مكة في تابوت فدفن بها، لأنه أَوْصَى بِذَلِكَ وَكَانَ قَدْ أَعْتَقَ كُلَّ مَمْلُوكٍ له قبل وفاته. وحين أرادوا قتله صلى ركعتين رحمه الله.

الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الفهم بن محرز ابن إبراهيم الحافظ البغدادي، سمع خلف ابن هِشَامٍ وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ وغيرهم، وعنه الحنطبى والطُّومَارِيُّ، وَكَانَ عَسِرًا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>