للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ سَمِعَ الشيخ تقى الدين المذكور يَقُولُ: رُبَّمَا قُلْتُ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي السُّجُودِ أدعوا الله بما تضمناه من الذل والخضوع. ومما أورده ابن عساكر للمتنبي في ترجمته قوله:

أبعين مفتقر إليك رأيتني ... فأهنتنى وقذفتني من حالقى

لست الملوم، أنا الملوم، لأننى ... أنزلت آمالى بغير الخالق

قال ابن خلكان: وهذان البيتان ليسافى دِيوَانِهِ، وَقَدْ عَزَاهُمَا الْحَافِظُ الْكِنْدِيُّ إِلَيْهِ بِسَنَدٍ صحيح ومن ذلك قوله:

إذا ما كنت فِي شَرَفٍ مَرُومٍ ... فَلَا تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ

فَطَعْمُ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ حَقِيرٍ ... كَطَعْمِ الموت في أمر عظيم

وله قَوْلُهُ:

وَمَا أَنَا بِالْبَاغِي عَلَى الْحُبِّ رِشْوَةً ... قَبِيحٌ هَوًى يُرْجَى عَلَيْهِ ثَوَابُ

إِذَا نِلْتُ منك الود فالكل هَيِّنٌ ... وَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وُلِدَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَنَّهُ قُتِلَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.

قَالَ ابْنَ خَلِّكَانَ: وَقَدْ فَارَقَ سَيْفَ الدولة بن حمدان سنة أربع وخمسين لما كان من ابن خالويه إليه مَا كَانَ مِنْ ضَرْبِهِ إِيَّاهُ بِمِفْتَاحٍ فِي وجهه فأدماه، فصار إلى مصر فامتدح كافور الإخشيد وَأَقَامَ عِنْدَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَكَانَ الْمُتَنَبِّي يَرْكَبُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ فَتَوَهَّمَ مِنْهُ كَافُورٌ فجأة، فخاف المتنبي فهرب، فأرسل في طلبه فأعجزه، فقيل لكافور: ما هذا حتى تخافه؟ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا بعد محمد، أَفَلَا يَرُومُ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا بِدِيَارِ مِصْرَ؟ والملك أقل وأذل من النبوة. ثُمَّ صَارَ الْمُتَنَبِّي إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ فَامْتَدَحَهُ فَأَعْطَاهُ مَالًا كَثِيرًا ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ فعرض له فاتك ابن أبى الجهل الأسدي فقتله وابنه محسن وغلامه مفلح يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لَسِتٍّ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ للبلتين، بِسَوَادِ بَغْدَادَ، وَقَدْ رَثَاهُ الشُّعَرَاءُ، وَقَدْ شَرَحَ دِيوَانَهُ الْعُلَمَاءُ بِالشِّعْرِ وَاللُّغَةِ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ شرحا وجيزا وبسيطا.

وممن توفى فيها من الأعيان أبو حاتم البستي صاحب الصحيح.

[محمد بن حبان]

ابن أَحْمَدَ بْنِ حِبَّانَ بْنِ مُعَاذِ بْنِ مَعْبَدٍ أبو حاتم البستي صاحب الأنواع والتقاسيم، وأحدا الْحُفَّاظِ الْكِبَارِ الْمُصَنِّفِينَ الْمُجْتَهِدِينَ، رَحَلَ إِلَى الْبُلْدَانِ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ مِنَ الْمَشَايِخِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ بَلَدِهِ وَمَاتَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُهُمُ الْكَلَامَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ مُعْتَقَدِهِ وَنَسَبَهُ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النُّبُوَّةَ مُكْتَسَبَةٌ، وَهِيَ نزغة فلسفية والله أعلم بصحة عزوها إليه ونقلها عَنْهُ. وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ

مُحَمَّدُ بن الحسن بن يعقوب

ابن الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مِقْسَمٍ أَبُو بَكْرِ بن مقسم المقري، ولد سنة خمس ومائتين، وسمع

<<  <  ج: ص:  >  >>