ابن عز الدين يحيى الحراني أخو قاضى قضاة الحنابلة بمصر شرف الدين عبد الغنى، إلى دمشق متوليا نظر الأوقاف بها عوضا عن الصاحب عز الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن مبشر، توفى في مستهل رجب بدمشق، وقد باشر نظر الدواوين بها وبمصر، والحسبة وبالإسكندرية وغير ذلك، ولم يكن بقي معه في آخر وقت سوى نظر الأوقاف بدمشق، وقد قارب الثمانين ودفن بقاسيون.
وفي آخر شوال خرج الركب الشامي وأميرهم سيف الدين أرغون السلحدار الناصري الساكن عند دار الطراز بدمشق، وحج من مصر سيف الدين الدوادار وقاضى القضاة ابن جماعة، وقد زار القدس الشريف في هذه السنة بعد وفاة ولده الخطيب جمال الدين عبد الله، وكان قد رأس وعظم شأنه. وفي ذي القعدة سار الأمير سيف الدين تنكز إلى زيارة القدس فغاب عشرين يوما، وفيه وصل الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب إلى دمشق من مصر وقد كان معتقلا في السجن فأطلق وأكرم وولى نيابة صفد فسار إليها بعد ما قضى أشغاله بدمشق، ونقل القاضي حسام الدين القزويني من قضاء صفد إلى قضاء طرابلس، وأعيدت ولاية قضاء صفد إلى قاضى دمشق فولى فيها ابن صصريّ شرف الدين الهاوندى، وكان متوليا طرابلس قبل ذلك، ووصل مع بكتمر الحاجب الطواشى ظهير الدين مختار المعروف بالزرعى، متوليا الخزانة بالقلعة عوضا عن الطواشى ظهير الدين مختار البلستين توفى.
وفي هذا الشهر أعنى ذا القعدة وصلت الأخبار بموت ملك التتر خربندا محمد بن أرغون بن أبغا ابن هولاكوقان ملك العراق وخراسان وعراق العجم والروم وأذربيجان والبلاد الأرمينية وديار بكر.
توفى في السابع والعشرين من رمضان ودفن بتربته بالمدينة التي أنشأها، التي يقال لها السلطانية وقد جاوز الثلاثين من العمر، وكان موصوفا بالكرم ومحبا للهو واللعب والعمائر، وأظهر الرفض، أقام سنة على السنة ثم تحول إلى الرفض أقام شعائره في بلاده وحظي عنده الشيخ جمال الدين بن مطهر الحلي، تلميذ نصير الدين الطوسي، وأقطعه عدة بلاد، ولم يزل على هذا المذهب الفاسد إلى أن مات في هذه السنة، وقد جرت في أيامه فتن كبار ومصائب عظام، فأراح الله منه العباد والبلاد، وقام في الملك بعده ولده أبو سعيد وله إحدى عشرة سنة، ومدبر الجيوش والممالك له الأمير جوبان، واستمر في الوزارة على شاه التبريزي، وأخذ أهل دولته بالمصادرة وقتل الأعيان ممن اتهمهم بقتل أبيه مسموما، ولعب كثير من الناس به في أول دولته ثم عدل إلى العدل وإقامة السنة، فأمر بإقامة الخطبة بالترضى عن الشيخين أولا ثم عثمان ثم على ﵃، ففرح الناس بذلك وسكنت بذلك الفتن والشرور والقتال الّذي كان بين أهل تلك البلاد وبهراة وأصبهان وبغداد وإربل وساوة وغير ذلك، وكان صاحب مكة الأمير خميصة بن أبى نمى الحسنى، قد قصد ملك التتر خربندا