للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسَهُ بِالسُّمِّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، ولا يمكن اجتماعه مع الحلاج أيضا، وإن أردنا تصحيح كلام إمام الحرمين فنذكر ثلاثة قد اجتمعوا في وقت واحد على إضلال الناس وإفساد العقائد كما ذكر، فيكون المراد بذلك الحلاج وهو الحسين بن منصور الّذي ذكره، وابن السمعاني- يعنى أبا جعفر محمد ابن على- وأبو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْحَسَنِ بْنِ بهرام الجنابي القرمطى الّذي قتل الحجاج وأخذ الحجر الأسود وطم زمزم ونهب أستار الكعبة، فهولاء يمكن اجتماعهم في وقت واحد كما ذكرنا ذلك مبسوطا، وذكره ابن خلكان ملخصا.

وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ.

أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَطَاءٍ أَحَدُ أَئِمَّةِ الصُّوفِيَّةِ

وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ الْأَدَمِيُّ. حَدَّثَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى القطان، والمفضل بن زياد وغيرهما، وقد كان موافقا للحلاج في بعض اعتقاده على ضلاله، وكان أبو العباس هذا يقرأ في كل يوم ختمة، فإذا كان شهر رمضان قرأ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثَلَاثَ خَتَمَاتٍ، وَكَانَ له ختمة يتدبرها ويتدبر معاني القرآن فيها. فمكث فيها سبعة عَشْرَةَ سَنَةً وَمَاتَ وَلَمْ يَخْتِمْهَا، وَهَذَا الرَّجُلُ ممن كان اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْحَلَّاجِ وَأَظْهَرَ مُوَافَقَتَهُ فَعَاقَبَهُ الوزير حامد بن العباس بالضرب البليغ عَلَى شِدْقَيْهِ، وَأَمَرَ بِنَزْعِ خُفَّيْهِ وَضَرْبِهِ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى سَالَ الدَّمُ مِنْ مَنْخِرَيْهِ، وَمَاتَ بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ قد دعا على الوزير بأن تقطع يداه ورجلاه ويقتل شر قتلة. فمات الوزير بعد مدة كذلك.

وفيها توفى أبو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَارُونَ الطَّبِيبُ الْحَرَّانِيُّ. وَأَبُو محمد عبد الله بن حمدون النديم.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ عَشْرٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ

فِيهَا أُطْلِقَ يُوسُفُ بْنُ أَبِي السَّاجِ مِنَ الضِّيقِ، وَكَانَ مُعْتَقَلًا، وَرُدَّتْ إِلَيْهِ أَمْوَالُهُ وَأُعِيدَ إِلَى عَمَلِهِ وَأُضِيفَ إِلَيْهِ بُلْدَانٌ أُخْرَى، وَوُظِّفَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ يَحْمِلُهَا إِلَى الْحَضْرَةِ فَبَعَثَ حِينَئِذٍ إِلَى مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ يَطْلُبُ مِنْهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ الْأَدَمِيِّ الْقَارِئَ، وَكَانَ قد قرأ بين يديه حين اعتقل في سنة إحدى وستين وَمِائَتَيْنِ (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ) ١١: ١٠٢ فخاف القارئ من سَطْوَتَهُ وَاسْتَعْفَى مِنْ مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ فَقَالَ لَهُ مُؤْنِسٌ: اذْهَبْ وَأَنَا شَرِيكُكَ فِي الْجَائِزَةِ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَرَأَ بَيْنَ يَدَيْهِ (وَقال الْمَلِكُ ائْتُونِي به أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) ١٢: ٥٤ فَقَالَ: بَلْ أُحِبُّ أَنْ تَقْرَأَ ذَلِكَ الْعُشْرَ الّذي قرأته عند سجني وإشهاري (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ) ١١: ١٠٢ فان ذلك كان سبب توبتي ورجوعي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْكَ. ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِمَالٍ جَزِيلٍ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ. وَفِيهَا مَرِضَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْوَزِيرُ فجاءه هارون بن المقتدر ليعوده ويبلغه سلام أبيه عليه، فَبَسَطَ لَهُ الطَّرِيقَ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ دَارِهِ تَحَامَلَ وَخَرَجَ إِلَيْهِ فَبَلَّغَهُ سَلَامَ الْخَلِيفَةِ، وَجَاءَ مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْخَلِيفَةَ قَدْ عَزَمَ عَلَى عِيَادَتِهِ فَاسْتَعْفَى مِنْ مؤنس الخادم، ثم ركب عَلَى جُهْدٍ عَظِيمٍ حَتَّى سَلَّمَ عَلَى الْخَلِيفَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>