للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجاسة ولا يمكن أحدا من دخوله، فإذا كان في أيام الحج فليصم ثلاثة أيام وليطف به كما يطاف بالكعبة ثم يفعل في داره ما يفعله الحجيج بمكة، ثم يستدعى بثلاثين يتيما فيطعمهم من طعامه، ويتولى خدمتهم بنفسه، ثم يكسوهم قميصا قميصا، ويعطى كل واحد منهم سبعة دراهم - أو قال ثلاثة، دراهم - فإذا فعل ذلك قام له مقام الحج. وإن من صام ثلاثة أيام لا يفطر إلا في اليوم الرابع على ورقات هندبا أجزأه ذلك عن صيام رمضان. ومن صلى في ليلة ركعتين من أول الليل إلى آخره أجزأه ذلك عن الصلاة بعد ذلك. وأن من جاور بمقابر الشهداء وبمقابر قريش عشرة أيام يصلى ويدعو ويصوم ثم لا يفطر إلا على شيء من خبز الشعير والملح الجريش أغناه ذلك عن العبادة في بقية عمره. فقال له القاضي أبو عمر: من أين لك هذا؟ فقال: من كتاب الإخلاص للحسن البصري. فقال له: كذبت يا حلال الدم، وقد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن بمكة ليس فيه شيء من هذا. فأقبل الوزير على القاضي فقال له: قد قلت يا حلال الدم فاكتب ذلك في هذه الورقة، وألح عليه وقدم له الدواة فكتب ذلك في تلك الورقة، وكتب من حضر خطوطهم فيها وأنفذها الوزير إلى المقتدر، وجعل الحلاج يقول لهم: ظهري حمى ودمي حرام، وما يحل لكم أن تتأولوا على ما يبيحه، واعتقادي الإسلام، ومذهبي السنة، وتفضيل أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن ابن عوف وأبى عبيدة بن الجراح، ولى كتب في السنة موجودة في الوارقين فالله الله في دمي. فلا يلتفتون إليه ولا إلى شيء مما يقول. وجعل يكرر ذلك وهم يكتبون خطوطهم بما كان من الأمر، ورد الحلاج [إلى محبسه وتأخر جواب المقتدر ثلاثة أيام حتى ساء ظن الوزير حامد بن العباس، فكتب إلى الخليفة يقول له: إن أمر الحلاج] (١) قد اشتهر ولم يختلف فيه اثنان وقد افتتن كثير من الناس به. فجاء الجواب بأن يسلم إلى محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة. وليضر به ألف سوط، فان مات وإلا ضربت عنقه. ففرح الوزير بذلك وطلب صاحب الشرطة فسلمه إليه وبعث معه طائفة من غلمانه يصلونه معه إلى محل الشرطة من الجانب الغربي خوفا من أن يستنقذ من أيديهم. وذلك بعد عشاء الآخرة في ليلة الثلاثاء لست بقين من ذي القعدة من هذه السنة، وهو راكب على بغل عليه إكاف وحوله جماعة من أعوان السياسة. على مثل شكله، فاستقر منزله بدار الشرطة في هذه الليلة، فذكر أنه بات يصلى تلك الليلة ويدعو دعاء كثيرا. قال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت أبا بكر الشاشي يقول قال أبو الحديد - يعنى المصري -: لما كانت الليلة التي قتل في صبيحتها الحلاج قام يصلى من الليل فصلى ما شاء الله، فلما كان آخر الليل قام قائما فتغطى بكسائه ومد يده نحو القبلة فتكلم بكلام جائز الحفظ، فكان مما حفظت منه قوله: نحن شواهدك فلو دلتنا عزتك لتبدّى ما شئت من شأنك


(١) سقط من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>