للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطلقها، فتزوجها بعده هشام بن المغيرة فولدت له سلمة، وكانت امرأة ضخمة جميلة لها شعر غزير يجلل جسمها، فخطبها رسول الله من ابنها سلمة، فقال: حتى استأمرها؟ فاستأذنها فقالت يا بنى أفي رسول الله تستأذن؟ فرجع ابنها فسكت ولم يرد جوابا، وكأنه رأى أنها قد طعنت في السن، وسكت النبي عنها. وبه

عن ابن عباس قال: خطب رسول الله صفية بنت بشامة بن نضلة العنبري، وكان أصابها سبى فخيرها رسول الله فقال: «إن شئت أنا وإن شئت زوجك» فقالت: بل زوجي فأرسلها فلعنتها بنو تميم. وقال محمد بن سعد أنبأنا الواقدي ثنا موسى بن محمد ابن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: كانت أم شريك امرأة من بنى عامر بن لؤيّ قد وهبت نفسها من رسول الله، فلم يقبلها فلم تتزوج حتى ماتت؟ قال محمد بن سعد وأنبأنا وكيع عن شريك عن جابر عن الحكم عن على بن الحسين أن رسول الله تزوج أم شريك الدوسية. قال الواقدي:

الثبت عندنا أنها من دوس من الأزد. قال محمد بن سعد: واسمها غزية بنت جابر بن حكيم. وقال الليث بن سعد: عن هشام بن محمد عن أبيه قال متحدث أن أم شريك كانت وهبت نفسها للنّبيّ ، وكانت امرأة صالحة [وممن خطبها ولم يعقد عليها حمزة بنت الحارث بن عون بن أبى حارثة المري فقال أبوها: إن بها سوءا - ولم يكن بها - فرجع اليها وقد تبرصت وهي أم شبيب بن البرصاء الشاعر هكذا ذكره سعيد بن أبى عروبة عن قتادة. قال: وخطب حبيبة بنت العباس بن عبد المطلب فوجد أباها أخوه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة مولاة أبى لهب] فهؤلاء نساؤه وهن ثلاثة أصناف، صنف دخل بهن ومات عنهن وهن التسع المبدإ بذكرهن، وهن حرام على الناس بعد موته بالإجماع المحقق المعلوم من الدين ضرورة، وعدتهن بانقضاء أعمارهن. قال الله تعالى:

﴿وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً﴾ وصنف دخل بهن وطلقهن في حياته فهل يحل لأحد أن يتزوجهن بعد انقضاء عدتهن منه ؟ فيه قولان للعلماء، أحدهما لا لعموم الآية التي ذكرناها. والثاني نعم بدليل آية التخيير وهي قوله ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً، * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً﴾ قالوا فلولا أنها تحل لغيره أن يتزوجها بعد فراقه إياها لم يكن في تخييرها بين الدنيا والآخرة فائدة إذ لو كان فراقه لها لا يبحها لغيره لم يكن فيه فائدة لها، وهذا قوى والله تعالى أعلم. وأما الصنف الثالث وهي من تزوجها وطلقها قبل أن يدخل بها، فهذه تحل لغيره أن يتزوجها، ولا أعلم في هذا القسم نزاعا. وأما من خطبها ولم يعقد عقده عليها فأولى لها أن تتزوج، وأولى. وسيجيء فصل في كتاب الخصائص يتعلق بهذا المقام والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>