وأحنوا على أمواله يقسمونها … فلا حامد منهم عليها وشاكر
فيا عامر الدنيا ويا ساعيا لها … ويا آمنا من أن تدور الدوائر
كيف أمنت هذه الحالة وأنت صائر إليها لا محالة؟ أم كيف ضيعت حياتك وهي مطيتك إلى مماتك؟ أم كيف تشبع من طعامك وأنت منتظر حمامك؟ أم كيف تهنأ بالشهوات، وهي مطية الآفات
ولم تتزود للرحيل وقد دنا … وأنت على حال وشيك مسافر
فيا لهف نفسي كم أسوف توبتي … وعمري فان والردى لي ناظر
وكل الّذي أسلفت في الصحف مثبت … يجازى عليه عادل الحكم قادر
فكم ترقع بآخرتك دنياك، وتركب غيك وهواك، أراك ضعيف اليقين، يا مؤثر الدنيا على الدين أبهذا أمرك الرحمن؟ أم على هذا نزل القرآن؟ أما تذكر ما أمامك من شدة الحساب، وشر المآب أما تذكر حال من جمع وثمر، ورفع البناء وزخرف وعمر، أما صار جمعهم بورا، ومساكنهم قبورا:
تخرب ما يبقى وتعمر فانيا … فلا ذاك موفور ولا ذاك عامر
وهل لك إن وافاك حتفك بغتة … ولم تكتسب خيرا لدى الله عاذر
أترضى بان تفنى الحياة وتنقضي … ودينك منقوص ومالك وافر
وقد اختلف أهل التاريخ في السنة التي توفى فيها على بن الحسين، زين العابدين، فالمشهور عن الجمهور أنه توفى في هذه السنة - أعنى سنة أربع وتسعين - في أولها عن ثمان وخمسين سنة، وصلى عليه بالبقيع، ودفن به، قال الفلاس: مات على بن الحسين وسعيد بن المسيب وعروة وأبو بكر بن عبد الرحمن سنة أربع وتسعين، وقال بعضهم: توفى سنة ثنتين أو ثلاث وتسعين، وأغرب المدائني في قوله: إنه توفى سنة تسع وتسعين والله أعلم انتهى ما ذكره المؤلف [من ترجمة على بن الحسين وقد رأيت له كلاما متفرقا وهو من جيد الحكمة، فأحببت أن أذكره لعل الله أن ينفع به من وقف عليه:
قال حفص بن غياث عن حجاج عن أبى جعفر عن على بن الحسين قال: إن الجسد إذا لم يمرض أشر وبطر، ولا خير في جسد يأشر ويبطر.
وقال أبو بكر بن الأنباري: حدثنا أحمد بن الصلت حدثنا قاسم بن إبراهيم العلويّ حدثنا أبى عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال على بن الحسين: فقد الأحبة غربة.
وكان يقول: اللهمّ إني أعوذ بك أن تحسن في لوامع العيون علانيتي، وتقبح في خفيات الغيوب سريرتي، اللهمّ كما أسأت وأحسنت إلى، فإذا عدت فعد إلى. اللهمّ ارزقني مواساة من قترت عليه رزقك بما وسعت على من فضلك.
وقال لابنه: يا بنى اتخذ ثوبا للغائط فانى رأيت الذباب يقع على الشيء ثم يقع على الثوب. ثم انتبه فقال: وما كان لرسول الله ﷺ وأصحابه إلا ثوب واحد، فرفضه.
وعن أبى حمزة الثمالي قال: أتيت باب على بن الحسين فكرهت أن أصوت فقعدت على