محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه كان داود ﵇ قصيرا أزرق العينين قليل الشعر طاهر القلب ونقيه. تقدم أنه لما قتل جالوت وكان قتله له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصفر فأحبته بنو إسرائيل ومالوا اليه والى ملكه عليهم فكان من أمر طالوت ما كان وصار الملك الى داود ﵇ وجمع الله له بين الملك والنبوة بين خير الدنيا والآخرة وكان الملك يكون في سبط والنبوة في آخر فاجتمع في داود هذا وهذا كما قال تعالى ﴿وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ. وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ﴾ أي لولا اقامة الملوك حكاما على الناس لأكل قوى الناس ضعيفهم. ولهذا جاء في بعض الآثار (السلطان ظل الله في أرضه). وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان (ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن جالوت لما بارز طالوت فقال له اخرج الى واخرج إليك فندب طالوت الناس فانتدب داود فقتل جالوت. قال وهب بن منبه فمال الناس الى داود حتى لم يكن لطالوت ذكر وخلعوا طالوت وولوا عليهم داود * وقيل ان ذلك عن أمر شمويل حتى قال بعضهم إنه ولاه قبل الواقعة. قال ابن جرير والّذي عليه الجمهور انه انما ولى ذلك بعد قتل جالوت والله أعلم * وروى ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز ان قتله جالوت كان عند قصر أم حكيم وان النهر الّذي هناك هو المذكور في الآية فالله أعلم * وقال تعالى ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاِعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ وقال تعالى ﴿وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنّا فاعِلِينَ * وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ﴾. أعانه الله على عمل المروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء وأرشده الى صنعتها وكيفيتها فقال ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ أي لا تدق المسمار فيغلق ولا تغلظه فيفصم قاله مجاهد وقتادة والحكم وعكرمة.
قال الحسن البصري وقتادة والأعمش كان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده لا يحتاج الى نار ولا مطرقة. قال قتادة فكان أول من عمل الدروع من زرد وانما كانت قبل ذلك من صفائح قال ابن شوذب كان يعمل كل يوم درعا يبيعها بستة آلاف درهم وقد ثبت في الحديث أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان نبي الله داود كان يأكل من كسب يده وقال تعالى ﴿وَاُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ * إِنّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوّابٌ * وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ﴾ قال ابن عباس ومجاهد الأيد القوة في الطاعة يعنى ذا قوة في العبادة والعمل الصالح قال قتادة اعطى قوة في العبادة وفقها في الإسلام قال وقد ذكر لنا أنه كان يقوم الليل ويصوم نصف الدهر. وقد ثبت
في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال (أحب الصلاة الى الله صلاة داود