قال: خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار أحد بنى نوفل بن عبد مناف في زمان معاوية فأدربنا مع الناس فلما مررنا بحمص وكان وحشي مولى جبير قد سكنها وأقام بها فلما قدمناها قال عبيد الله بن عدي: هل لك في أن نأتي وحشيا فنسأله عن قتل حمزة كيف قتله؟ قال قلت له: ان شئت. فخرجنا نسأل عنه بحمص فقال لنا رجل ونحن نسأل عنه انكما ستجدانه بفناء داره وهو رجل قد غلبت عليه الخمر فان تجداه صاحيا تجدا رجلا عربيا وتجدا عنده بعض ما تريدان وتصيبا عنده ما شئتما من حديث تسألانه عنه وان تجداه وبه بعض ما به فانصرفا عنه ودعاه. قال: فخرجنا نمشي حتى جئناه فإذا هو بفناء داره على طنفسة له وإذا شيخ كبير مثل البغاث، وإذا هو صاح لا بأس به، فلما انتهينا اليه سلمنا عليه، فرفع رأسه الى عبيد الله بن عدي فقال: ابن لعدي بن الخيار أنت؟ قال نعم. قال أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى فإنّي ناولتكها وهي على بعيرها فأخذتك بعرضيك فلمعت لي قدماك حتى رفعتك اليها فو الله ما هو إلا أن وقفت عليّ فعرفتهما. قال فجلسنا اليه فقلنا: جئناك لتحدثنا عن قتل حمزة كيف قتلته؟ فقال: أما إني سأحدثكما كما حدثت رسول الله ﷺ حين سألني عن ذلك، كنت غلاما لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش الى أحد قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم محمد بعمى فأنت عتيق. قال فخرجت مع الناس وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة قل ما أخطئ بها شيئا، فلما التقى الناس خرجت انظر حمزة واتبصره حتى رأيته في عرض الناس كأنه الجمل الأورق يبهد الناس بسيفه هذا ما يقوم له شيء فو الله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو بحجر ليدنو مني إذ تقدمني اليه سباع بن عبد العزى فلما رآه حمزة قال هلم إليّ يا ابن مقطعة البظور، قال فضربه ضربة كأنما أخطأ رأسه، قال وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه وذهب لينوء نحوي فغلب وتركته وإياها حتى مات ثم أتيته فأخذت حربتي ثم رجعت الى العسكر وقعدت فيه ولم يكن لي بغيره حاجة إنما قتلته لأعتق، فلما قدمت مكة عتقت ثم أقمت حتى إذا افتتح رسول الله ﷺ مكة هربت الى الطائف فمكثت بها فلما خرج وفد الطائف الى رسول الله ﷺ ليسلموا تعيّت على المذاهب فقلت ألحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد فو الله إني لفي ذلك من همي إذ قال لي رجل:
ويحك انه والله لا يقتل أحدا من الناس دخل في دينه وشهد شهادة الحق، قال فلما قال لي ذلك
خرجت حتى قدمت على رسول الله ﷺ المدينة فلم يرعه إلا بى قائما على رأسه أشهد شهادة الحق فلما رآني قال لي: أو حشى أنت؟ قلت نعم يا رسول الله. قال اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة؟ قال فحدثته كما حدثتكما، فلما فرغت من حديثي قال ويحك غيّب عنى وجهك فلا أرينك، قال فكنت