يريد من كرامته ورسالته حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا وأكرمهم حسبا، وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما، حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين، لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة وكان رسول الله ﷺ فيما ذكر لي يحدث عما كان الله يحفظه به في صغره وأمر جاهليته أنه
قال:«لقد رأيتني في غلمان من قريش ننقل الحجارة لبعض ما يلعب الغلمان، كلنا قد تعرى وأخذ إزاره وجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة، فانى لأقبل معهم كذلك وأدبر إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة وجيعة، ثم قال شد عليك إزارك. قال فأخذته فشددته على، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري على من بين أصحابى». وهذه القصة شبيهة بما في الصحيح عند بناء الكعبة حين كان ينقل هو وعمه العباس فان لم تكنها فهي متقدمة عليها كالتوطئة لها والله أعلم.
قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج أخبرنى عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: لما بنيت الكعبة ذهب رسول الله ﷺ ينقل الحجارة. فقال العباس لرسول الله ﷺ اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة ففعل فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء، ثم قام فقال:«إزاري» فشد عليه إزاره أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الرزاق. وأخرجاه أيضا من حديث روح بن عبادة عن زكريا بن أبي إسحاق عن عمرو بن دينار عن جابر بنحوه.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبى عمرو قالا أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني حدثنا محمد بن بكير الحضرميّ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي حدثنا عمرو بن أبى قيس عن سماك عن عكرمة حدثني ابن عباس عن أبيه أنه كان ينقل الحجارة إلى البيت حين بنت قريش البيت، قال وأفردت قريش رجلين رجلين، الرجال ينقلون الحجارة، وكانت النساء تنقل الشيد. قال فكنت أنا وابن أخى وكنا نحمل على رقابنا وأزرنا تحت الحجارة، فإذا غشينا الناس ائتزرنا. فبينما أنا أمشى ومحمد أمامى قال فخر وانبطح على وجهه، فجئت أسعى وألقيت حجري وهو ينظر إلى السماء فقلت ما شأنك؟ فقام وأخذ إزاره قال «إني نهيت أن أمشى عريانا».
قال وكنت أكتمها من الناس مخافة أن يقولوا مجنون.
وروى البيهقي من حديث يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن على بن أبى طالب عن أبيه عن جده على بن أبى طالب. قال سمعت رسول الله ﷺ يقول «ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يهمون به من النساء الا ليلتين كلتاهما عصمنى الله ﷿ فيهما. قلت ليلة لبعض فتيان مكة - ونحن في رعاء غنم أهلها - فقلت لصاحبي أبصر لي غنمي حتى أدخل مكة أسمر فيها كما يسمر الفتيان فقال بلى. قال فدخلت حتى جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير فقلت ما هذا