فانزعج السلطان لذلك وسأل القضاة ماذا يجب على من تعاطى ذلك منهم؟ فقالوا يعزر، فأخرج جماعة من السجون ممن وجب عليه قتل فقطع وصلب وحرم وحزم وعاقب، موهما أنه إنما عاقب من تعاطى تخريب ذلك، فسكن الناس وأمنت النصارى وظهروا بعد ما كانوا قد اختفوا أياما. وفيه ثارت الحرامية ببغداد ونهبوا سوق الثلاثاء وقت الظهر، فثار الناس وراءهم وقتلوا منهم قريبا من مائة وأسروا آخرين.
قال الشيخ علم الدين البرزالي ومن خطه نقلت: وفي يوم الأربعاء السادس من جمادى الأولى خرج القضاة والأعيان والمفتون إلى القابون ووقفوا على قبلة الجامع الّذي أمر ببنائه القاضي كريم الدين وكيل السلطان بالمكان المذكور، وحرروا قبلته واتفقوا على أن تكون مثل قبلة جامع دمشق.
وفيه وقعت مراجعة من الأمير جوبان أحد المقدمين الكبار بدمشق، وبين نائب السلطنة تنكز، فمسك جوبان ورفع إلى القلعة ليلتان، ثم حول إلى القاهرة فعوتب في ذلك، ثم أعطى خبزا يليق به. وذكر علم الدين أن في هذا اليوم وقع حريق عظيم في القاهرة في الدور الحسنة والأماكن المليحة المرتفقة، وبعض المساجد، وحصل للناس مشقة عظيمة من ذلك، وقنتوا في الصلوات ثم كشفوا عن القضية فإذا هو من قبل النصارى بسبب ما كان أحرق من كنائسهم وهدم، فقتل السلطان بعضهم وألزم النصارى أن يلبسوا الزرقاء على رءوسهم وثيابهم كلها، وأن يحملوا الاجراس في الحمامات، وأن لا يستخدموا في شيء من الجهات، فسكن الأمر وبطل الحريق.
وفي جمادى الآخرة خرب ملك التتار أبو سعيد البازار وزوج الخواطئ وأراق الخمور وعاقب في ذلك أشد العقوبة، وفرح المسلمون بذلك ودعوا له ﵀ وسامحه. وفي الثالث عشر من جمادى الآخرة أقيمت الجمعة بجامع القصب وخطب به الشيخ على المناخلى. وفي يوم الخميس تاسع عشر جمادى الآخرة فتح الحمام الّذي أنشأه تنكز تجاه جامعه، وأكرى في كل يوم بأربعين درهما لحسنه وكثرة ضوئه ورخامه. وفي يوم السبت تاسع عشر رجب خربت كنيسة القراءين التي تجاه حارة اليهود بعد إثبات كونها محدثة وجاءت المراسيم السلطانية بذلك. وفي أواخر رجب نفذت الهدايا من السلطان إلى أبى سعيد ملك التتار، صحبة الخواجا مجد الدين السلامي، وفيها خمسون جملا وخيول وحمار عتابى. وفي منتصف رمضان أقيمت الجمعة بالجامع الكريمي بالقابون وشهدها يومئذ القضاة والصاحب وجماعة من الأعيان. قال الشيخ علم الدين: وقدم دمشق الشيخ قوام الدين أمير كاتب ابن الأمير العميد عمر الأكفاني القازاني، مدرس مشهد الامام أبى حنيفة ببغداد، في أول رمضان، وقد حج في هذه السنة وتوجه إلى مصر وأقام بها أشهرا ثم مر بدمشق متوجها إلى بغداد فنزل بالخاتونية الحنفية، وهو ذو فنون وبحث وأدب وفقه. وخرج الركب الشامي يوم الاثنين عاشر