للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع خادم هدية إلى أحد إلا كان الخادم الّذي يحملها من جملتها، قال: فحسن حال ذلك الرجل.

وذكر ابن عساكر أن زياد بن أبى سفيان بعث إلى سعيد بن العاص هدايا وأموالا وكتابا ذكر فيه أنه يخطب إليه ابنته أم عثمان من آمنة بنت جرير بن عبد الله البجلي، فلما وصلت الهدايا والأموال والكتاب قرأه، ثم فرق الهدايا في جلسائه، ثم كتب إليه كتابا لطيفا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم! قال الله تعالى ﴿كَلاّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى﴾ والسلام: وروينا أن سعيدا خطب أم كلثوم بنت علي من فاطمة، التي كانت تحت عمر بن الخطاب، فأجابت إلى ذلك وشاورت أخويها فكرها ذلك، وفي رواية إنما ذكره ذلك الحسين وأجاب الحسن، فهيأت دارها ونصبت سريرا وتواعدوا للكتاب، وأمرت ابنها زيد بن عمر أن يزوجها منه، فبعث إليها بمائة ألف، وفي رواية بمائتي ألف مهرا، واجتمع عنده أصحابه ليذهبوا معه، فقال: إني أكره أن أخرج أمى فاطمة، فترك التزويج وأطلق جميع ذلك المال لها. وقال ابن معين وعبد الأعلى بن حماد: سأل أعرابى سعيد بن العاص فأمر له بخمسمائة، فقال الخادم: خمسمائة درهم أو دينار؟ فقال: إنما أمرتك بخمسمائة درهم، وإذ قد جاش في نفسك أنها دنانير فادفع إليه خمسمائة دينار، فلما قبضها الأعرابي جلس يبكى، فقال له:

ما لك؟ ألم تقبض نوالك؟ قال: بلى والله! ولكن أبكى على الأرض كيف تأكل مثلك. وقال عبد الحميد بن جعفر: جاء رجل في حمالة أربع ديات سأل فيها أهل المدينة، فقيل: له عليك بالحسن ابن على، أو عبد الله بن جعفر، أو سعيد بن العاص، أو عبد الله بن عباس، فانطلق إلى المسجد فإذا سعيد داخل إليه، فقال: من هذا؟ فقيل: سعيد بن العاص، فقصده فذكر له ما أقدمه، فتركه حتى انصرف من المسجد إلى المنزل فقال للأعرابي: ائت بمن يحمل معك؟ فقال: رحمك الله! إنما سألتك مالا لا تمرا، فقال: أعرف، ائت بمن يحمل معك؟ فأعطاه أربعين ألفا فأخذها الأعرابي وانصرف ولم يسأل غيره. وقال سعيد بن العاص لابنه: يا بنى أجر لله المعروف إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة، فأما إذا أتاك الرجل تكاد ترى دمه في وجهه، أو جاءك مخاطرا لا يدرى أتعطيه أم تمنعه، فو الله لو خرجت له من جميع مالك ما كافأته. وقال سعيد: لجليسى عليّ ثلاث، إذا دنا رحبت به، وإذ جلس أوسعت له، وإذا حدث أقبلت عليه. وقال أيضا: يا بنى لا تمازح الشريف فيحقد عليك ولا الدنيء فتهون عليه، وفي رواية فيجترئ عليك. وخطب يوما فقال: من رزقه الله رزقا حسنا فليكن أسعد الناس به، إنما يتركه لأحد رجلين، إما مصلح فيسعد بما جمعت له وتخيب أنت، والمصلح لا يقل عليه شيء، وإما مفسد فلا يبقى له شيء. فقال أبو معاوية: جمع أبو عثمان طرف الكلام. وروى الأصمعي عن حكيم بن قيس. قال قال سعيد بن العاص: موطنان لا أستحيى من رفقي فيهما والتأني عندهما، مخاطبتي جاهلا أو سفيها، وعند مسألتى حاجة لنفسي. ودخلت عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>