وعبد العزيز بْنُ يَزِيدَ وَيُقَالُ لَهُ الْأُسْوَارُ، وَكَانَ مِنْ أَرَمَى الْعَرَبِ، وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الشَّاعِرُ:
زَعَمَ النَّاسُ أَنَّ خَيْرَ قُرَيْشٍ ... كُلِّهِمْ حين يذكرون الأساور
وَعَبْدُ اللَّهِ الْأَصْغَرُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُتْبَةُ، وَعَبْدُ الرحمن، والربيع، ومحمد، لأمهات أولاد شتّى.
ويزيد وحرب وعمر وعثمان. فهؤلاء خمسة عشر ذكرا، وكان له من البنات عاتكة ورملة وأم عبد الرحمن وأم يزيد، وأم محمد. فهؤلاء خمس بنات. وقد انقرضوا كافة فلم يبق ليزيد عقب، والله سبحانه أعلم.
[إمارة معاوية بن يزيد بن معاوية]
أبى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيُقَالُ أَبُو يَزِيدَ وَيُقَالُ أَبُو يعلى الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ، وَأُمُّهُ أُمُّ هَاشِمٍ بِنْتُ أَبِي هاشم ابن عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، بُويِعَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ- وَكَانَ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ- فِي رَابِعَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا نَاسِكًا، وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ، قِيلَ: إِنَّهُ مَكَثَ فِي الْمُلْكِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ عِشْرِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ شَهْرَيْنِ، وَقِيلَ شَهْرًا ونصف شهر، وقيل ثلاثة أشهر وعشرون يَوْمًا، وَقِيلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فاللَّه أَعْلَمُ.
وَكَانَ فِي مُدَّةِ وِلَايَتِهِ مَرِيضًا لَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَكَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ هُوَ الَّذِي يصلى بالناس ويسد الأمور، ثم مات مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ هَذَا عَنْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقِيلَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وقيل تسع عشرة سنة، وقيل عشرون سنة، وقيل ثلاث وعشرون سَنَةً، وَقِيلَ: إِنَّمَا عَاشَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وقيل تسع عشرة سنة، وقيل عشرون، وقيل خمس وعشرون فاللَّه أَعْلَمُ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوهُ خَالِدٌ، وَقِيلَ عثمان بن عنبسة، وقيل الوليد بن عقبة وهو الصَّحِيحُ، فَإِنَّهُ أَوْصَى إِلَيْهِ بِذَلِكَ، وَشَهِدَ دَفْنَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَكَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ بَعْدَهُ حَتَّى اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ لِمَرْوَانَ بِالشَّامِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ بِدِمَشْقَ، وَلِمَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قِيلَ لَهُ أَلَا توصي فقال: لا أتزوّد مرارتها إلى إخوتي وَأَتْرُكُ حَلَاوَتَهَا لِبَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَبْيَضَ شَدِيدَ الْبَيَاضِ كَثِيرَ الشَّعْرِ كَبِيرَ الْعَيْنَيْنِ جَعْدَ الشَّعْرِ أَقْنَى الْأَنْفِ، مُدَوَّرَ الرَّأْسِ، جَمِيلَ الوجه كثير شعر الْوَجْهِ دَقِيقَهُ حَسَنَ الْجِسْمِ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَخَالِدٌ إِخْوَةٌ، وَكَانُوا مِنْ صَالِحِي الْقَوْمِ وَقَالَ فِيهِ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ- وهو عبد الله بن همام البلوى: -
تَلَقَّاهَا يَزِيدٌ عَنْ أَبِيهِ ... فَدُونَكَهَا مُعَاوِي عَنْ يَزِيدَا
أَدِيرُوهَا بَنِي حَرْبٍ عَلَيْكُمْ ... وَلَا تَرْمُوا بِهَا الْغَرَضَ الْبَعِيدَا
وَيُرْوَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ هَذَا نَادَى فِي النَّاسِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ ذَاتَ يَوْمٍ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمْ فِيمَا قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي قَدْ وُلِّيتُ أَمْرَكُمْ وَأَنَا ضَعِيفٌ عَنْهُ، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ تَرَكْتُهَا لِرَجُلٍ قَوِيٍّ كَمَا