للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَرَّ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ وَضَعَ الطَّعَامَ وَنَصَبَ مَوَائِدَ الْعَسَلِ، فَوَقَفَ بِهِ رَجَاءٌ وَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا هَذَا بِالَّذِي فَارَقْتَنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّ: انْزِلْ فَإِنَّ السَّخِيَّ لَا تُؤَدِّبُهُ التَّجَارِبُ. وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى

لَهُ سَحَائِبُ جُودٍ فِي أَنَامِلِهِ ... أَمْطَارُهَا الْفِضَّةُ الْبَيْضَاءُ وَالذَّهَبُ

يَقُولُ فِي الْعُسْرِ إِنْ أَيْسَرْتُ ثَانِيَةً ... أَقْصَرْتُ عَنْ بَعْضِ مَا أُعْطِي وَمَا أَهَبُ

حَتَّى إِذَا عَادَ أَيَامُ الْيَسَارِ لَهُ ... رَأَيْتَ أَمْوَالَهُ فِي النَّاسِ تُنْتَهَبُ

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَقَدِمَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى أمواله بثلاث بشعب زبدا، فَأَقَامَ بِهَا فَمَرِضَ هُنَاكَ وَمَاتَ وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لِسَبْعَ عشرة من رمضان في هَذِهِ السَّنَةِ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، قَالُوا: وَكَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، فَقِيهًا جَامِعًا، وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ: رأيت قبر الزهري بشعب زبدا مِنْ فِلَسْطِينَ مُسَنَّمًا مُجَصَّصًا، وَقَدْ وَقَفَ الْأَوْزَاعِيُّ يوما على قبره فقال: يا قبركم فيك من علم ومن حلم يا قبركم فيك من علم ومن كرم وكم جمعت روايات وأحكاما. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: تُوفِّيَ الزُّهْرِيُّ بِأَمْوَالِهِ بشعب ثنين، ليلة الثلاثاء لسبع عشر لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، عَنْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لِيَدْعُوَ لَهُ الْمَارَّةُ، وَقِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ والله أعلم.

[فصل]

وروى الطبراني عن إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ معمر قال: أخبرنى صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا: نحن نكتب السنن، فكتبنا ما جاء عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لي: هلم فلنكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة، فقلت: إنه ليس بسنة فلا نكتب، قال: فكتب ما جاء عنهم ولم أكتب، فأنحج وضيعت. وروى الامام أحمد عن معمر قال: كنا نرى أنا قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد، فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزانته يقول: من علم الزهري. وروى عن الليث بن سعد قال: وضع الطست بين يدي ابن شهاب فتذكر حديثا فلم تزل يده في الطست حتى طلع الفجر وصححه. وروى أصبغ بن الفرح عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قال: للعلم واد فإذا هبطت واديه فعليك بالتؤدة حتى تخرج منه، فإنك لا تقطعه حتى يقطع بك.

وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن يحيى تغلب حدثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بن زبالة عن مالك بن أنس عن الزهري قال: خدمت عبيد الله بن عتبة، حتى أن كان خادمه ليخرج فيقول: من بالباب؟ فتقول الجارية: غلامك الأعيمش، فتظن أنى غلامه، وإن كنت لأخدمه

<<  <  ج: ص:  >  >>