وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة. قال الليث: وكان الزهري أسخى من رأيت، يعطى كل من جاء وسأله، حتى إذا لم يبق عنده شيء استسلف. وكان يطعم الناس الثريد ويسقيهم العسل، وكان يستمر على شراب العسل كما يستمر أهل الشراب على شرابهم، ويقول اسقونا وحدثونا، فإذا نعس أحدهم يقول له: ما أنت من سمار قريش، وكانت له قبة معصفرة، وعليه ملحفة معصفرة، وتحته بساط معصفر، وقال الليث قال يحيى بن سعيد: ما بقي عند أحد من العلم ما بقي عند ابن شهاب.
وقال عبد الرزاق: أنبأ معمر قال عمر بن عبد العزيز: عليكم بابن شهاب فإنه ما بقي أحد أعلم بسنة ماضية منه، وكذا قال مكحول. وقال أيوب: ما رأيت أحدا أعلم من الزهري، فقيل له:
ولا الحسن؟ فقال: ما رأيت أعلم من الزهري، وقيل لمكحول: من أعلم من لقيت؟ قال: الزهري، قيل: ثم من؟ قال الزهري، قيل ثم من؟ قال الزهري. وقال مالك: كان الزهري إذا دخل المدينة لم يحدث بها أحدا حتى يخرج. وقال عبد الرزاق عن ابن عيينة: محدثو أهل الحجاز ثلاثة، الزهري ويحيى بن سعيد وابن جريج. وقال على بن المديني: الذين أفتوا أربعة، الزهري، والحكم، وحماد وقتادة، والزهري أفقههم عندي. وقال الزهري: ثلاثة إذا كن في القاضي فليس بقاض، إذا كره الملاوم وأحب المحامد، وكره العزل. وقال أحمد بن صالح: كان يقال فصحاء زمانهم الزهري وعمر بن عبد العزيز وموسى بن طلحة وعبيد الله، ﵏. وقال مالك عن الزهري: أنه قال: إن هذا العلم الّذي أدب الله به رسول الله ﷺ، وأدب رسول الله به أمته أمانة الله إلى رسوله ليؤديه على ما أدى إليه، فمن سمع علما فليجعله أمامه حجة فيما بينه وبين الله ﷿.
وقال محمد بن الحسين عن يونس عن الزهري قال: الاعتصام بالستة نجاة، وقال الوليد عن الأوزاعي عن الزهري قال: أمرّوا أحاديث رسول الله ﷺ كما جاءت. وقال محمد بن إسحاق عن الزهري: إن من غوائل العلم أن يترك العالم حتى يذهب علمه، وفي رواية أن يترك العالم العمل بالعلم حتى يذهب، فان من غوائله قلة انتفاع العالم بعلمه، ومن غوائله النسيان والكذب، وهو أشد الغوائل. وقال أبو زرعة عن نعيم بن حماد عن محمد بن ثور عن معمر عن الزهري قال: القراءة على العالم والسماع عليه سواء إن شاء الله تعالى.
وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه حظ ونصيب، وقد قضى عنه هشام مرة ثمانين ألف درهم، وفي رواية سبعة عشر ألفا، وفي رواية عشرين ألفا.
وقال الشافعيّ: عتب رجاء بن حيوة على الزهري في الاسراف وكان يستدين، فقال له: لا آمن أن يحبس هؤلاء القوم ما بأيديهم عنك فتكون قد حملت على أمانيك، قال: فوعده الزهري أن يقصر،