للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ قَدْ طَلَبَهُ مِنْهُمْ، فَمَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى فَإِنَّهُ صُودِرَ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَصُودِرَ قَوْمٌ آخَرُونَ مِنْ كُتَّابِهِ، فَكَانَ جُمْلَةُ مَا أُخِذَ مِنْ هَؤُلَاءِ مَعَ مَا كَانَ صُودِرَتْ بِهِ الْقَهْرَمَانَةُ مِنَ الذَّهَبِ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا آلَافَ ألف من الدنانير، وغير ذلك من الأثاث والأملاك والدواب والآنية من الذهب والفضة. وَأَشَارَ الْوَزِيرُ ابْنُ الْفُرَاتِ عَلَى الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِرِ باللَّه أن يبعد عنه مؤنس الخادم إِلَى الشَّامِ- وَكَانَ قَدْ قَدِمَ مِنْ بِلَادِ الروم من الجهاد، وقد فتح شيئا كثيرا من حصون الروم وبلدانهم، وغنم مغانم كثيرة جدا- فأجابه إلى ذلك، فسأل مؤنس الخليفة أن ينظره إلى سلخ شهر رمضان، وكان مؤنس قد أعلم الخليفة بما يَعْتَمِدُهُ ابْنُ الْوَزِيرِ مِنْ تَعْذِيبِ النَّاسِ وَمُصَادَرَتِهِمُ بالأموال، فأمر الخليفة مؤنسا بالخروج إِلَى الشَّامِ. وَفِيهَا كَثُرَ الْجَرَادُ وَأَفْسَدَ كَثِيرًا من الغلات. وفي رمضان منها أمر الخليفة برد ما فضل من المواريث على ذوى الأرحام. وفي رمضان أحرق بالنار على باب العامة مائتين وأربعة أعدال من كتب الزنادقة، منها ما كان صنفه الحلاج وغيره، فَسَقَطَ مِنْهَا ذَهَبٌ كَثِيرٌ كَانَتْ مُحَلَّاةً بِهِ. وفيها اتخذ أبو الحسن ابن الفرات الوزير مرستانا في درب الفضل وكان يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مائتي دينار

وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ.

الْخَلَّالُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هاون

أبو بكر الخلال، صاحب الكتاب الْجَامِعِ لِعُلُومِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَلَمْ يُصَنَّفْ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَثْلُ هَذَا الْكِتَابِ، وَقَدْ سمع الخلال الْحَدِيثَ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ وَسَعْدَانَ بْنِ نصر وغيرهما. توفى يوم الجمعة قبل الصلاة ليومين مضتا من هذه السنة.

أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرِيرِيُّ

أَحَدُ أَئِمَّةِ الصُّوفِيَّةِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرِيرِيُّ أَحَدُ كِبَارِ الصُّوفِيَّةِ، صَحِبَ سَرِيًّا السَّقَطِيَّ، وَكَانَ الْجُنَيْدُ يُكْرِمُهُ وَيَحْتَرِمُهُ. وَلَمَّا حَضَرَتِ الْجُنَيْدَ الْوَفَاةُ أَوْصَى أَنْ يُجَالَسَ الْجَرِيرِيُّ، وَقَدِ اشْتَبَهَ عَلَى الْجَرِيرِيِّ هَذَا شَأْنُ الْحَلَّاجِ فَكَانَ مِمَّنْ أَجْمَلَ الْقَوْلَ فِيهِ، عَلَى أَنَّ الْجَرِيرِيَّ هَذَا مَذْكُورٌ بالصلاح والديانة وحسن الأدب.

الزَّجَّاجُ صَاحِبُ مَعَانِي الْقُرْآنِ

إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ بْنِ سَهْلٍ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ، كَانَ فَاضِلًا دَيِّنًا حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْحَسَنَةُ، مِنْهَا كِتَابُ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ الْعَدِيدَةِ المفيدة، وقد كان أَوَّلِ أَمْرِهِ يَخْرُطُ الزُّجَاجَ فَأَحَبَّ عِلْمَ النَّحْوِ فذهب إلى المبرد، وكان يُعْطِي الْمُبَرِّدَ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا، ثُمَّ اسْتَغْنَى الزَّجَّاجُ وَكَثُرَ مَالُهُ وَلَمْ يَقْطَعْ عَنِ الْمُبَرِّدِ ذلك الدرهم حتى مات، وَقَدْ كَانَ الزَّجَّاجُ مُؤَدِّبًا لِلْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. فَلَمَّا وَلِيَ الْوِزَارَةَ كَانَ النَّاسُ يَأْتُونَهُ بِالرِّقَاعِ لِيُقَدِّمَهَا إِلَى الْوَزِيرِ، فَحَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>