وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاّ تَخْوِيفاً﴾. وقال تعالى ﴿وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً، * أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً، * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاّ بَشَراً رَسُولاً﴾ وقد تكلمنا على هذه الآيات وما يشابهها في أماكنها في التفسير ولله الحمد. وقد
روى يونس وزياد عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم - وهو شيخ من أهل مصر يقال له محمد بن أبى محمد - عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس. قال: اجتمع علية من أشراف قريش - وعدّد أسماءهم - بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد فكلموه، وخاصموه حتى تعذروا فيه، فبعثوا اليه إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، فجاءهم رسول الله ﷺ سريعا وهو يظن أنه قد بدا لهم في أمره بدء، وكان حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم، حتى جلس اليهم. فقالوا: يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك، وإنا والله لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وسفهت الأحلام، وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة، وما بقي من قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك. فان كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الّذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكان يسمون التابع من الجن الرئى - فربما كان ذلك، بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر فيك؟ فقال رسول الله ﷺ:«ما بى ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولا، وانزل على كتابا، وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم، فان تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة، وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم» - أو كما قال رسول الله ﷺ فقالوا يا محمد فان كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك