فان الرجل قد نافق؟ فقال رسول الله ﷺ«وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» وأنزل الله في حاطب ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ الى آخر القصة. هكذا أورد ابن إسحاق هذه القصة مرسلة وقد ذكر السهيليّ أنه كان في كتاب حاطب أن رسول الله قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل وأقسم بالله لو سار إليكم وحده لنصره الله عليكم فإنه منجز له ما وعده. قال وفي تفسير ابن سلام أن حاطبا كتب، إن محمدا قد نفر فاما إليكم وإما الى غيركم فعليكم الحذر. وقد
قال البخاري ثنا قتيبة ثنا سفيان عن عمرو بن دينار أخبرنى الحسن بن محمد أنه سمع عبيد الله بن أبى رافع سمعت عليا يقول: بعثني رسول الله ﷺ أنا والزبير والمقداد فقال «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها» فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة، فقلنا أخرجى الكتاب، فقالت ما معى، فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. قال فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله ﷺ فإذا فيه من حاطب بن أبى بلتعة الى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله ﷺ فقال «يا حاطب ما هذا؟» فقال: يا رسول الله لا تعجل على إني كنت امرأ ملصقا (١) في قريش يقول كنت حليفا ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذا فاتنى ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله ﷺ«أما إنه قد صدقكم» فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق؟ فقال «إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» فانزل الله سورة ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ﴾ الى قوله ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾ وأخرجه بقية الجماعة الا ابن ماجة من حديث سفيان بن عيينة وقال الترمذي حسن صحيح.
وقال الامام احمد ثنا حجين ويونس قالا: حدثنا ليث بن سعد عن أبى الزبير عن جابر ابن عبد الله أن حاطب بن أبى بلتعة كتب الى أهل مكة يذكر أن رسول الله ﷺ أراد غزوهم، فدل رسول الله ﷺ على المرأة التي معها الكتاب فأرسل اليها فاخذ كتابها من رأسها وقال «يا حاطب أفعلت؟» قال نعم، قال أما إني لم أفعله غشا لرسول الله ﷺ ولا نفاقا. قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره غير أنى كنت غريبا بين ظهرانيهم وكانت والدتي معهم فأردت أن أتخذ يدا عندهم، فقال له عمر: ألا أضرب رأس هذا؟ فقال «أتقتل رجلا من أهل بدر وما يدريك
(١) كذا في الأصل. وقال السهيليّ: كنت عريرا وفسر العرير بالغريب.