وإذا رأيتم الخير فخذوا به وإذا رأيتم الشرّ فدعوه ﴿وَاُذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ الآية، فلما فرغ من خطبته قال المصريون:
خذها إليك واحذرن أبا الحسن … إنا نمرّ الأمر إمرار الرسن
صولة آساد كآساد السفن … بمشرفيات كغدران اللبن
ونطعن الملك بلين كالشطن … حتى يمرنّ على غير عنن
فقال على مجيبا لهم!
إني عجزت عجزة لا أعتذر … سوف أكيس بعدها وأستمر
أرفع من ذيلي ما كنت أجر … وأجمع الأمر الشتيت المنتشر
إن لم يشاغبنى العجول المنتصر … أو يتركوني والسلاح يبتدر
وكان على الكوفة أبو موسى الأشعري على الصلاة وعلى الحرب القعقاع بن عمرو وعلى الخراج جابر بن فلان المزني، وعلى البصرة عبد الله بن عامر، وعلى مصر عبد الله بن سعد بن أبى سرح، وقد تغلب عليه محمد بن أبى حذيفة، وعلى الشام معاوية بن أبى سفيان، ونوابه على حمص عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وعلى قنسرين حبيب بن سلمة، وعلى الأردن أبو الأعور، وعلى فلسطين حكيم بن علقمة، وعلى أذربيجان الأشعث بن قيس، وعلى قرقيسيا جرير بن عبد الله البجلي، وعلى حلوان عتيبة بن النهاس، وعلى قيسارية مالك بن حبيب، وعلى همذان حبيش. هذا ما ذكره ابن جرير من ثواب عثمان الذين توفى وهم نواب الأمصار، وكان على بيت المال عقبة بن عمرو، وعلى قضاء المدينة زيد بن ثابت، ولما قتل عثمان بن عفان خرج النعمان بن بشير ومعه قميص عثمان مضمخ بدمه، ومعه أصابع نائلة التي أصيبت حين حاجفت عنه بيدها، فقطعت مع بعض الكف فورد به على معاوية بالشام، فوضعه معاوية على المنبر ليراه الناس، وعلق الأصابع في كم القميص، وندب الناس إلى الأخذ بهذا الثأر والدم وصاحبه، فتباكى الناس حول المنبر، وجعل القميص يرفع تارة ويوضع تارة، والناس يتباكون حوله سنة، ويحث بعضهم بعضا على الأخذ بثأره، واعتزل أكثر الناس النساء في هذا العام، وقام في الناس معاوية وجماعة من الصحابة معه يحرضون الناس على المطالبة بدم عثمان، ممن قتله من أولئك الخوارج: منهم عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبو أمامة، وعمرو بن عنبسة وغيرهم من الصحابة، ومن التابعين: شريك بن حباشة، وأبو مسلم الخولانيّ، وعبد الرحمن بن غنم، وغيرهم من التابعين. ولما استقر أمر بيعة على دخل عليه طلحة والزبير ورءوس الصحابة ﵃، وطلبوا منه إقامة الحدود، والأخذ بدم عثمان.
فاعتذر إليهم بأن هؤلاء لهم مدد وأعوان، وأنه لا يمكنه ذلك يومه هذا، فطلب منه الزبير أن يوليه