للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هذا لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ غَلَطٌ فَحَارَ فِي تَفْسِيرِهِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ وَهُوَ بُحَّةٌ يَسِيرَةٌ وَهِيَ أَحْلَى فِي الصَّوْتِ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَادًّا، قَالَ أبو عبيد: وبالصحل يوصف الظِّبَاءُ، قَالَ: وَمَنْ رَوَى فِي صَوْتِهِ صَهَلٌ فَقَدْ غَلِطَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْخَيْلِ وَلَا يَكُونُ فِي الْإِنْسَانِ، قُلْتُ:

وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ وَيُرْوَى صَحَلٌ، وَالصَّوَابُ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا قَوْلُهَا:

أَحْوَرُ فَمُسْتَغْرَبٌ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم وهو قبل في العين يزينها لا يَشِينُهَا كَالْحَوَلِ، وَقَوْلُهَا: أَكْحَلُ، قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ شَاهِدٌ، وَقَوْلُهَا: أَزُجُّ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ الْمُتَقَوِّسُ الْحَاجِبَيْنِ، قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهَا: أَقْرَنُ فَهُوَ الْتِقَاءُ الْحَاجِبَيْنِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ قَالَ: وَلَا يُعْرَفُ هَذَا فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ في صفته عليه السلام أَنَّهُ أَبْلَجُ الْحَاجِبَيْنِ، فِي عُنُقِهِ سَطَعٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَيْ طُولٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: نُورٌ قُلْتُ: وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ، وَقَوْلُهَا إِذَا صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ، أَيِ الْهَيْبَةُ عَلَيْهِ فِي حَالِ صَمْتِهِ وَسُكُوتِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ سَمَا أَيْ عَلَا عَلَى النَّاسِ وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ أَيْ فِي حَالِ كَلَامِهِ حُلْوُ الْمَنْطِقِ فَصْلٌ أَيْ فَصِيحٌ بَلِيغٌ يَفْصِلُ الْكَلَامَ وَيُبَيِّنُهُ، لَا نَزْرٌ وَلَا هَذْرٌ، أَيْ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، كَأَنَّ منطقه خرزات نظم، يعنى الّذي مِنْ حُسْنِهِ وَبَلَاغَتِهِ وَفَصَاحَتِهِ وَبَيَانِهِ وَحَلَاوَةِ لِسَانِهِ، أَبْهَى النَّاسِ وَأَجْمَلُهُ مِنْ بَعِيدٍ وَأَحْلَاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ، أَيْ هُوَ مَلِيحٌ مِنْ بَعِيدٍ وَمِنْ قَرِيبٍ، وَذَكَرَتْ أَنَّهُ لَا طَوِيلَ وَلَا قَصِيرَ بَلْ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَمِنْ هذا، وذكرت أن أصحابه يعظمونه ويخدمونه ويبادرون إلى طاعته وما ذلك إِلَّا لِجَلَالَتِهِ عِنْدَهُمْ وَعَظْمَتِهِ فِي نُفُوسِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ لَهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِعَابِسٍ أَيْ لَيْسَ يَعْبِسُ، وَلَا يُفَنِّدُ أَحَدًا أَيْ يُهَجِّنُهُ وَيَسْتَقِلُّ عَقْلَهُ بَلْ جَمِيلُ الْمُعَاشَرَةِ حَسَنُ الصُّحْبَةِ صَاحِبُهُ كَرِيمٌ عَلَيْهِ وَهُوَ حَبِيبٌ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

حديث هند بن أبى هالة فِي ذَلِكَ

وَهِنْدٌ هَذَا هُوَ رَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمُّهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ وَأَبُوهُ أَبُو هَالَةَ كَمَا قَدَّمْنَا بيانه. قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمِصْرِيُّ وأبو غسان مالك ابن إسماعيل الهندي قَالَا: ثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِمَكَّةَ عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ خَالِيَ هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ- وَكَانَ وَصَّافًا- عَنْ حِلْيَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ- فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحما مُفَخَّمًا يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ عَظِيمَ الْهَامَةِ رَجِلَ الشَّعْرِ إِذَا تَفَرَّقَتْ عَقِيصَتُهُ فَرَقَ والا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه، ذا وَفَّرَهُ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَاسِعَ الْجَبِينِ أَزَجَّ الْحَوَاجِبِ سَوَابِغَ فِي غَيْرِ قَرَنٍ بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبُ أَقْنَى الْعِرْنِينِ لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ يَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ كَثَّ اللِّحْيَةِ أَدْعَجَ سهل الخدين ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صفاء- يعنى الفضة- معتدل الخلق بَادِنٌ مُتَمَاسِكٌ سَوَاءُ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ عَرِيضُ الصَّدْرِ بَعِيدُ مَا بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>