رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعثوا به فِي جُمْلَةِ تُحَفٍ إِلَى الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ. وَفِيهَا قَصَدَتِ الْقَرَامِطَةُ مَدِينَةَ طَبَرِيَّةَ لِيَأْخُذُوهَا من يد الإخشيد صاحب مضر وَالشَّامِ، وَطَلَبُوا مِنْ سَيْفِ الدَّوْلَةِ أَنْ يَمُدَّهُمْ بِحَدِيدٍ يَتَّخِذُونَ مِنْهُ سِلَاحًا، فَقَلَعَ لَهُمْ أَبْوَابَ الرقة- وكانت من حديد صامت- وأخذ لهم من حديد الناس حتى أخذ أواقي الباعة والأسواق، وأرسل بذلك كله إليهم، فأرسلوا إليه يقولون اكْتَفَيْنَا. وَفِيهَا طَلَبَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ مِنَ الْخَلِيفَةِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي دُخُولِ دَارِ الْخِلَافَةِ ليتفرج فيها فأذن له فدخلها، فبعث الخليفة خادمه وصاحبه معه فطافوا بها وهو مسرع خائف، ثم خرج منها وَقَدْ خَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ وَخَشِيَ أَنْ يقتل في دهاليزها، فَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ لَمَّا خَرَجَ شُكْرًا للَّه عَلَى سَلَامَتِهِ، وَازْدَادَ حُبًّا فِي الْخَلِيفَةِ الْمُطِيعِ من يومئذ، وكان في جملة ما رأى فيها من العجائب صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى صُورَةِ امْرَأَةٍ حَسْنَاءَ جِدًّا، وَحَوْلَهَا أَصْنَامٌ صِغَارٌ فِي هَيْئَةِ الْخَدَمِ لها كان قد أتى بها في زمن المقتدر فأقيمت هناك ليتفرج عليها الجواري والنساء، فهم معز الدولة أَنْ يَطْلُبَهُ مِنَ الْخَلِيفَةِ ثُمَّ ارْتَأَى فَتَرَكَ ذَلِكَ.
وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا خَرَجَ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ فَادَّعَى أَنَّهُ عَلَوِيٌّ، وَكَانَ يَتَبَرْقَعُ فَسُمِّي المتبرقع وغلظت فتنته وَبَعُدَ صِيتُهُ، وَذَلِكَ فِي غَيْبَةِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ عن بغداد واشتغاله بأمر الموصل كما تقدم، فلما رجع إلى بغداد اختفى المتبرقع وذهب في البلاد فلم ينتج له أمر بعد ذلك.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
بَكَّارُ بْنُ أحمد
ابن بكار بن بيان بن بكار بن درستويه بن عيسى المقري، رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ وعنه أبو الحسن الحماني، وَكَانَ ثِقَةً أَقْرَأَ الْقُرْآنَ أَزْيَدَ مِنْ سِتِّينَ سنة رحمه الله. توفى فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ وَقَارَبَ الثَّمَانِينَ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْخَيْزُرَانِ عِنْدَ قَبْرِ أبى حنيفة.
[أبو إسحاق الجهمى]
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَكَانَ إِذَا سُئِلَ أَنْ يُحَدِّثَ يُقْسِمُ أَنْ لَا يُحَدِّثَ حَتَّى يُجَاوِزَ الْمِائَةَ فَأَبِرَّ اللَّهُ قَسَمَهُ وجاوزها فأسمع. توفى عن مائة سنة وثلاثين سنة رَحِمَهُ اللَّهُ.
في عاشر المحرم منها عملت الشيعة مأتمهم وبدعتهم على ما تقدم قبل، وَغُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ وَعُلِّقَتِ الْمُسُوحُ، وَخَرَجَتِ النِّسَاءُ سَافِرَاتٍ ناشرات شعورهن، ينحن ويلطمن وجوههن في الأسواق والأزقة على الحسين، وهذا تكلف لا حاجة إليه في الإسلام، ولو كان هذا أمرا محمودا لفعله خير القرون وصدر هذه الأمة وخيرتها وهم أولى به (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) ٤٦: ١١ وأهل السنة يقتدون ولا يبتدعون، ثم تسلطت أهل السنة على الروافض فكبسوا مسجدهم مَسْجِدَ بَرَاثَا الَّذِي هُوَ عُشُّ الرَّوَافِضِ وَقَتَلُوا بَعْضَ مَنْ كَانَ فِيهِ مِنَ الْقَوَمَةِ. وَفِيهَا في رجب منها جاء ملك الروم بجيش كثيف إلى