فيه. فقتل عند ذلك وحرق بالنار، قبحه الله. قال محمد بن سعد: كان ابن ملجم رجلا أسمر حسن الوجه أبلج، شعره مع شحمة أذنه، في جبهته أثر السجود. قال العلماء: ولم ينتظر بقتله بلوغ العباس ابن على فإنه كان صغيرا يوم قتل أبوه، قالوا: لأنه كان قتل محاربة لا قصاصا والله أعلم. وكان طعن على يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة أربعين بلا خلاف فقيل مات من يومه وقيل يوم الأحد التاسع عشر منه، قال الفلاس: وقيل ضرب ليلة إحدى وعشرين ومات ليلة أربع وعشرين عن بضع أو ثمان وخمسين سنة، وقيل عن ثلاث وستين سنة وهو المشهور، قاله محمد بن الحنفية، وأبو جعفر الباقر، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو بكر بن عياش. وقال بعضهم: عن ثلاث أو أربع وستين سنة، وعن أبى جعفر الباقر خمس وستين سنة. وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر، وقيل أربع سنين وثمانية أشهر وثلاثة وعشرين يوما، ﵁. وقال جرير عن مغيرة قال: لما جاء نعى على بن أبى طالب إلى معاوية وهو نائم مع امرأته فاختة بنت قرطة في يوم صائف، جلس وهو يقول: ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ،﴾ وجعل يبكى فقالت له فاختة: أنت بالأمس تطعن عليه واليوم تبكى عليه، فقال: ويحك إنما أبكى لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره. وذكر ابن أبى الدنيا - في كتاب مكائد الشيطان - أن رجلا من أهل الشام من أمراء معاوية غضب ذات ليلة على ابنه فأخرجه من منزله، فخرج الغلام لا يدرى أين يذهب، فجلس وراء الباب من خارج فنام ساعة ثم استيقظ وبابه يخمشه هر أسود بري، فخرج إليه الهر الّذي في منزلهم فقال له البري: ويحك! افتح فقال: لا أستطيع، فقال: ويحك ائتني بشيء أتبلغ به فانى جائع وأنا تعبان، هذا أوان مجيء من الكوفة، وقد حدث الليلة حدث عظيم، قتل على بن أبى طالب، قال فقال له الهر الأهلي: والله إنه ليس هاهنا شيء إلا وقد ذكروا اسم الله عليه، غير سفود كانوا يشوون عليه اللحم، فقال: ائتني به، فجاء به فجعل يلحسه حتى أخذ حاجته وانصرف، وذلك بمرأى من الغلام ومسمع، فقام إلى الباب فطرقه فخرج إليه أبوه فقال: من؟ فقال له: افتح، فقال: ويحك مالك؟ فقال: افتح، ففتح فقص عليه خبر ما رأى، فقال له: ويحك أمنام هذا؟ قال: لا والله، قال: ويحك! أفأصابك جنون بعدي؟ قال لا والله، ولكن الأمر كما وصفت لك، فاذهب إلى معاوية الآن فاتخذ عنده بما قلت لك، فذهب الرجل فاستأذن على معاوية فأخبره خبر ما ذكر له ولده. فأرّخوا ذلك عندهم قبل مجيء البرد، ولما جاءت البرد وجدوا ما أخبروهم به مطابقا لما كان أخبر به أبو الغلام، هذا ملخص ما ذكره.
وقال أبو القاسم: ثنا على بن الجعد ثنا زهير بن معاوية عن أبى إسحاق عن عمرو بن الأصم قال: قلت للحسين بن على: إن هذه الشيعة يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة، فقال: كذبوا والله ما هؤلاء بالشيعة، لو علمنا أنه مبعوث ما زوجنا نساءه ولا قسمنا ماله. ورواه أسباط بن محمد عن مطرف عن إسحاق عن عمرو بن الأصم عن الحسن بن على بنحوه.