هَذَا سَيِّدٌ إِنْ يَعِشْ يُصْلِحْ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَلَمْ يُسَمِّ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ عَنِ الْحَسَنِ، وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الْحَسَنِ مِنْهُمْ أَبُو مُوسَى إِسْرَائِيلُ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَأَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْقَدَرِيُّ. ثُمَّ شَرَعَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَطْرِيقِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا فَأَفَادَ وَأَجَادَ.
قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنْ مَعْمَرًا رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ فَلَمْ يُفْصِحُ بِاسْمِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ عنه وسماه، ورواه أحمد بن هشام عن مبارك بن فضالة عن الحسن بن أبى بكرة فذكر الحديث قال الحسن: فو الله والله بعد أن يولى لم يهراق في خلافته ملء محجمة بدم، قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي أَطْرَافِهِ: وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَسَنِ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» . وَكَذَا رواه عبد الرحمن بن معمر عن الأعمش به. وقال أَبُو يَعْلَى: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ المدني ثنا محمد بن مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَدَنِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي هريرة إذ جاء الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَدْ سَلَّمَ عَلَيْنَا قَالَ:
فَتَبِعَهُ [فَلَحِقَهُ] وَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا سَيِّدِي، وَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيِّدٌ» وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ على بن المديني: كَانَ تَسْلِيمُ الْحَسَنِ الْأَمْرَ لِمُعَاوِيَةَ فِي الْخَامِسِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ. وَيُقَالُ فِي غُرَّةِ جُمَادَى الْأُولَى فاللَّه أَعْلَمُ. قَالَ:
وَحِينَئِذٍ دَخَلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْكُوفَةِ فَخَطَبَ النَّاسَ بِهَا بَعْدَ الْبَيْعَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَشَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ يَأْمُرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَنْ يَخْطُبَ النَّاسَ وَيُعْلِمَهُمْ بِنُزُولِهِ عَنِ الْأَمْرِ لِمُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ الْحَسَنَ فَقَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ! فَإِنَّ اللَّهَ هَدَاكُمْ بِأَوَّلِنَا وَحَقَنَ دِمَاءَكُمْ بِآخِرِنَا، وَإِنَّ لِهَذَا الْأَمْرِ مُدَّةً، وَالدُّنْيَا دُوَلٌ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ ٢١: ١١١، فَلَمَّا قَالَهَا غَضِبَ مُعَاوِيَةُ وَأَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ، وَعَتَبَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي إِشَارَتِهِ بِذَلِكَ، ولم يزل في نفسه لذلك والله أعلم. فأما الحديث الّذي قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بَعْدَ مَا بَايَعَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: سَوَّدْتَ وُجُوهَ الْمُؤْمِنِينَ- أَوْ يَا مُسَوِّدَ وُجُوهِ الْمُؤْمِنِينَ- فَقَالَ: لَا تُؤَنِّبْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مِنْبَرِهِ فساءه ذلك فنزلت إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ١٠٨: ١ يَا مُحَمَّدُ- يَعْنِي نَهْرًا فِي الْجَنَّةِ- وَنَزَلَتْ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ٩٧: ١- ٣ يَمْلِكُهَا بَعْدَكَ بَنُو أُمَيَّةَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ الفضل: فَعَدَدْنَا فَإِذَا هِيَ أَلْفُ شَهْرٍ لَا تَزِيدُ يوما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute