أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَقَدِمَ عَلَى أَخِيهِ وَهُوَ ببُخَارَى فَرَجَعَ إِلَى مَرْوَ، وَلَمَّا صَالَحَ طَرْخُونُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَرَحَلَ عَنْهُ اجْتَمَعَتِ الصُّغْدُ وَقَالُوا لِطَرْخُونَ: إِنَّكَ قَدْ بُؤْتَ بِالذُّلِّ، وَأَدَّيْتَ الْجِزْيَةَ، وَأَنْتَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ، ثُمَّ عزلوه وولوا عليهم غورك خان- أخاطر خون خَانَ- ثُمَّ إِنَّهُمْ عَصَوْا وَنَقَضُوا الْعَهْدَ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا سَيَأْتِي.
وَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ سِجِسْتَانَ يُرِيدُ رُتْبِيلَ مَلِكَ التُّرْكِ الْأَعْظَمَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى أَوَّلِ مَمْلَكَةِ رُتْبِيلَ تَلَقَّتْهُ رُسُلُهُ يُرِيدُونَ مِنْهُ الصُّلْحَ عَلَى أَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، خُيُولٍ وَرَقِيقٍ وَنِسَاءٍ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ، يُحْمَلُ ذَلِكَ إليه، فصالحه. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نائب المدينة.
وَتُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
مَالِكُ بْنُ أَوْسِ
بن الحدثان النضري، أبو سعيد المدني، مختلف في صحبته، قال بَعْضُهُمْ: رَكِبَ الْخَيْلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَرَأَى أَبَا بَكْرٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئًا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ مَعِينٍ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَقَالُوا: لَا تَصِحُّ لَهُ صُحْبَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقِيلَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فاللَّه أَعْلَمُ.
طُوَيْسٌ الْمُغَنِّي
اسْمُهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، كَانَ بَارِعًا فِي صِنَاعَتِهِ، وَكَانَ طَوِيلًا مُضْطَرِبًا أَحْوَلَ الْعَيْنِ، وكان مشئوما، لأنه ولد يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفُطِمَ يَوْمَ تُوُفِّيَ الصِّدِّيقُ، وَاحْتَلَمَ يَوْمَ قُتِلَ عُمَرُ، وَتَزَوَّجَ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَوُلِدَ لَهُ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَقِيلَ وُلِدَ لَهُ يَوْمَ قُتِلَ عَلِيٌّ. حَكَاهُ ابْنُ خَلِّكَانَ وَغَيْرُهُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثِنْتَيْنِ وثمانين سنة بالسويد- وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ-
الْأَخْطَلُ
كَانَ شَاعِرًا مُطْبِقًا، فَاقَ أَقْرَانَهُ فِي الشِّعْرِ.
ثُمَّ دخلت سنة ثلاث وتسعين
وَفِيهَا افْتَتَحَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حُصُونًا كَثِيرَةً مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، مِنْهَا حِصْنُ الْحَدِيدِ وَغَزَالَةُ وَمَاسَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَفِيهَا غَزَا الْعَبَّاسُ بن الوليد ففتح سمسطية. وَفِيهَا غَزَا مَرْوَانُ بْنُ الْوَلِيدِ الرُّومَ حَتَّى بلغ حنجرة. وَفِيهَا كَتَبَ خَوَارِزْمُ شَاهْ إِلَى قُتَيْبَةَ يَدْعُوهُ إِلَى الصُّلْحِ وَأَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ بِلَادِهِ مَدَائِنَ، وَأَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ أَمْوَالًا وَرَقِيقًا كَثِيرًا عَلَى أَنْ يُقَاتِلَ أَخَاهُ وَيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ وَبَغَى عَلَى النَّاسِ وَعَسَفَهُمْ، وَكَانَ أَخُوهُ هَذَا لَا يَسْمَعُ بِشَيْءٍ حَسَنٍ عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا بَعَثَ إِلَيْهِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ نِسَاءً أَوْ صِبْيَانًا أَوْ دَوَابَّ أَوْ غَيْرَهُ، فَأَقْبَلَ قُتَيْبَةُ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي الْجُيُوشِ فَسَلَّمَ إِلَيْهِ خَوَارِزْمُ شَاهْ مَا صَالَحَهُ عَلَيْهِ، وَبَعَثَ قُتَيْبَةُ إِلَى بِلَادِ أَخِي خَوَارِزْمَ شَاهْ جَيْشًا فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا وَأَسَرُوا أَخَاهُ وَمَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَسِيرٍ من كبارهم، فَدَفَعَ أَخَاهُ إِلَيْهِ، وَأَمَرَ قُتَيْبَةُ بِالْأُسَارَى فَضُرِبَتْ أعناقهم بحضرته، قيل أَلْفًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَلْفًا عَنْ يَمِينِهِ وَأَلْفًا عَنْ شِمَالِهِ وَأَلْفًا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، لِيُرْهِبَ بِذَلِكَ الْأَعْدَاءَ مِنَ الْأَتْرَاكِ وَغَيْرِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute