وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع الى أهله». وطاف رسول الله ﷺ حين قدم مكة، استلم [الحجر] أول شيء ثم خب ثلاثة أشواط من السبع ومشى أربعة أطواف ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت، وفعل مثل ما فعل رسول الله ﷺ من أهدى فساق الهدى من الناس.
قال الامام احمد وحدثنا حجاج ثنا ليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير: أن عائشة أخبرته عن رسول الله ﷺ في تمتعه بالعمرة الى الحج وتمتع الناس معه بمثل الّذي أخبرنى سالم ابن عبد الله عن عبد الله عن رسول الله ﷺ، وقد روى هذا الحديث البخاري عن يحيى بن بكير، ومسلم وأبو داود عن عبد الملك بن شعيب عن الليث عن أبيه، والنسائي عن محمد بن عبد الله ابن المبارك المخرمي عن حجين بن المثنى ثلاثتهم عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة كما ذكره الامام احمد ﵀. وهذا الحديث من المشكلات على كل من الأقوال الثلاثة، أما قول الافراد ففي هذا إثبات عمرة أما قبل الحج أو معه، وأما على قول التمتع الخاص فلأنه ذكر أنه لم يحل من إحرامه بعد ما طاف بالصفا والمروة. وليس هذا شأن المتمتع، ومن زعم أنه إنما منعه من التحلل سوق الهدى كما قد يفهم من
حديث ابن عمر عن حفصة أنها قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك فقال إني لبدت رأسي وقلدت هدى فلا أحل حتى انحر. فقولهم بعيد لأن الأحاديث الواردة في إثبات القران ترد هذا القول وتأبى كونه ﵇ انما أهل أولا بعمرة ثم بعد سعيه بالصفا والمروة أهل بالحج فان هذا على هذه الصفة لم ينقله أحد باسناد صحيح بل ولا حسن ولا ضعيف. وقوله في هذا الحديث: تمتع رسول الله ﷺ في حجة الوداع بالعمرة الى الحج، إن أريد بذلك التمتع الخاص وهو الّذي يحل منه بعد السعي فليس كذلك فان في سياق الحديث ما يرده ثم في إثبات العمرة المقارنة لحجة ﵇ ما يأباه، وان أريد به التمتع العام دخل فيه القران وهو المراد. وقوله: وبدأ رسول الله ﷺ فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، إن أريد به بدأ بلفظ العمرة على لفظ الحج بأن قال لبيك اللهمّ عمرة وحجا فهذا سهل ولا ينافي القران وان أريد به أنه أهل بالعمرة أولا ثم أدخل عليها الحج متراخ ولكن قبل الطواف قد صار قارنا أيضا، وان أريد به أنه أهل بالعمرة ثم فرغ من أفعالها تحلل أو لم يتحلل بسوق الهدى كما زعمه زاعمون ولكنه أهل بحج بعد قضاء مناسك العمرة وقبل خروجه الى منى، فهذا لم ينقله أحد من الصحابة كما قدمنا، ومن ادعاه من الناس فقوله مردود لعدم نقله ومخالفته الأحاديث الواردة في