قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلَ قُثَمُ؟ قَالَ اسْتُشْهِدَ؟ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ؟ قَالَ أَجَلْ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ. [وَهَذَا كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَإِنَّ الْعَبَّاسَ إِنَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بعد الفتح فاما الحديث رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ ثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟
قَالَ نَعَمْ فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ. وَبِهَذَا اللَّفْظِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ وَهَذَا يُعَدُّ مِنَ الْأَجْوِبَةِ الْمُسْكِتَةِ، وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَجَابَ بِهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَيْضًا، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قِصَّةٌ أُخْرَى كَانَتْ بَعْدَ الْفَتْحِ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ وَاللَّهُ أعلم]
[١] .
فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
أَمَّا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَامِرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ عَوْفِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ زَيْدِ اللَّاتِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ كَلْبِ بْنِ وبرة بن ثعلب بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ الْكَلْبِيُّ الْقُضَاعِيُّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ أُمَّهُ ذَهَبَتْ تزور أهلها فأغارت عليهم خيل فَأَخَذُوهُ فَاشْتَرَاهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ لِعَمَّتِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَقِيلَ اشْتَرَاهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فَوَهَبَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ فَوَجَدَهُ أَبُوهُ فَاخْتَارَ الْمُقَامَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمَوَالِي، وَنَزَلَ فِيهِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْهَا قَوْلُهُ تعالى وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ٣٣: ٤ وَقَوْلُهُ تَعَالَى ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله ٣٣: ٥ وَقَوْلُهُ تَعَالَى مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ٣٣: ٤٠ وَقَوْلُهُ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ٣٣: ٣٧ الآية أَجْمَعُوا أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ أُنْزِلَتْ فِيهِ، وَمَعْنَى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَيْ بِالْإِسْلَامِ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَيْ بِالْعِتْقِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا فِي التَّفْسِيرِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُسَمِّ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْقُرْآنِ غَيْرَهُ، وَهَدَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَوَّجَهُ مَوْلَاتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْحِبُّ بْنُ الْحِبِّ، ثُمَّ زَوَّجَهُ بِابْنَةِ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَآخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْإِمْرَةِ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ- وَهَذَا لَفْظُهُ- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
[١] ما بين المربعين لم يرد في التيمورية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute