للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش الى آخر الدهر، قال فجلست على بغلة رسول الله البيضاء فخرجت عليها حتى جئت الأراك فقلت لعلى أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتى مكة فيخبرهم بمكان رسول الله يخرجوا اليه فيستأمنوه قبل أن يدخل عليهم عنوة، قال فو الله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له إذا سمعت كلام أبى سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا. قال يقول بديل: هذه والله خزاعة حمشتها الحرب، قال يقول أبو سفيان: خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. قال فعرفت صوته فقلت يأبا حنظلة؟ فعرف صوتي فقال أبو الفضل؟ قال قلت نعم، قال مالك فدى لك أبى وأمى؟ قال قلت ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله في الناس فقال واصباح قريش والله، فما الحيلة فداك أبى وأمى؟ قال قلت والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتى بك رسول الله فأستأمنه لك، قال فركب خلفي ورجع صاحباه (١) وقال عروة: بل ذهبا الى النبي فأسلما وجعل يستخبرهما عن أهل مكة. وقال الزهري وموسى بن عقبة: بل دخلوا مع العباس على رسول الله . [قال ابن إسحاق: قال فجئت به كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله وأنا عليها قالوا عم رسول الله على بغلة رسول الله ، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال من هذا؟ وقام الىّ، فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال أبو سفيان عدو الله [الحمد لله الّذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد؟ وزعم عروة بن الزبير أن عمر وجأ في رقبة أبى سفيان وأراد قتله فمنعه منه العباس. وهكذا

ذكر موسى بن عقبة عن الزهري أن عيون رسول الله أخذوهم بأزمة جمالهم فقالوا من أنتم؟ قالوا وفد رسول الله فلقيهم العباس فدخل بهم على رسول الله فحادثهم عامة الليل ثم دعاهم الى شهادة أن لا إله الا الله فشهدوا وأن محمدا رسول الله فشهد حكيم وبديل وقال أبو سفيان: ما أعلم ذلك ثم أسلم بعد الصبح ثم سألوه أن يؤمن قريشا فقال: «من دخل دار أبى سفيان فهو آمن - وكانت بأعلى مكة - ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن - وكانت بأسفل مكة - ومن أغلق بابه فهو آمن»

قال العباس:] (٢) ثم خرج عمر يشتد نحو رسول الله وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء، قال فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله ودخل عليه عمر، فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني فلأضرب عنقه؟ قال قلت يا رسول إني قد أجرته، ثم جلست الى رسول الله فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه الليلة دوني رجل، فلما أكثر عمر في شأنه قال قلت: مهلا يا عمر فو الله أن لو كان من رجال بنى عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنك قد عرفت


(١) صاحباه بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام.
(٢) ما بين المربعين عن المصرية فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>