يا رسول الله، قال: انطلق إلى أهل الصفة فادعهم لي، قال وأهل الصفة أضياف الإسلام لم يأووا إلى أهل ولا مال إذا جاءت رسول الله ﷺ هدية أصاب منها وبعث إليهم منها وإذا جاءته الصدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها - قال: وأحزننى ذلك وكنت أرجو أن أصيب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومى وليلتي، وقلت: أنا الرسول، فإذا جاء القوم كنت أنا الّذي أعطيهم، وقلت: ما يبقى لي من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بدّ، فانطلقت فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم من البيت ثم قال: أبا هر خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد القدح حتى أتيت على آخرهم، ودفعت إلى رسول الله ﷺ فأخذ القدح فوضعه في يده وبقي فيه فضلة ثم رفع رأسه ونظر إلى وتبسم وقال: أبا هر، فقلت لبيك رسول الله قال: بقيت أنا وأنت، فقلت: صدقت يا رسول الله قال: فاقعد فاشرب، قال: فقعدت فشربت ثم قال لي: اشرب، فشربت، فما زال يقول لي: اشرب فأشرب حتى قلت: لا والّذي بعثك بالحق ما أجد له في مسلكا، قال: ناولني القدح، فرددت إليه القدح فشرب من الفضلة * ورواه البخاري عن أبى نعيم وعن محمد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارك. وأخرجه الترمذي عن عباد بن يونس بن بكير ثلاثتهم عن عمر بن ذرّ وقال الترمذي: صحيح *
وقال الامام أحمد: ثنا أبو بكر بن عياش، حدثني عن زر عن ابن مسعود قال: كنت أرعى غنما لعقبة بن أبى معيط فمرّ بي رسول الله ﷺ وأبو بكر فقال: يا غلام هل من لبن؟ قال: فقلت: نعم ولكنى مؤتمن، قال: فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟ فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع:
اقلص، فقلص، قال: ثم أتيته بعد هذا فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول، قال: فمسح رأسي وقال: يا غلام يرحمك الله، فإنك عليم معلم * ورواه البيهقي من حديث أبى عوانة عن عاصم عن أبى النجود عن زر عن ابن مسعود، وقال فيه: فأتيته بعناق جذعة فاعتقلها ثم جعل يمسح ضرعها ويدعو، وأتاه أبو بكر بجفنة فحلب فيها وسقى أبا بكر ثم شرب، ثم قال للضرع: اقلص فقلص فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول، فمسح رأسي وقال: إنك غلام معلم، فأخذت عنه سبعين سورة ما نازعنيها بشر * وتقدم في الهجرة حديث أم معبد وحلبة ﵇ شاتها، وكانت عجفاء لا لبن لها فشرب هو وأصحابه وغادر عندها إناء كبيرا من لبن حتى جاء زوجها * وتقدم في ذكر من كان يخدمه من غير مواليه ﵇ المقداد بن الأسود حين شرب اللبن الّذي كان قد جاء لرسول الله ﷺ، ثم قام في الليل ليذبح له شاة فوجد لبنا كثيرا فحلب ما ملأ منه إناء كبيرا جدا، الحديث *
وقال أبو داود الطيالسي: ثنا زهير عن أبى إسحاق عن ابنة حباب أنها أتت رسول الله ﷺ بشاة فاعتقلها وحلبها، فقال: ائتني بأعظم إناء لكم، فأتيناه بجفنة العجين، فحلب فيها حتى ملأها، ثم