للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ سَلْمًا تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ بسنين فاللَّه أعلم.

وفيها أَصَابَ أَهْلَ خُرَاسَانَ وَالرَّيَّ وَأَصْبَهَانَ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ وغلا الطَّعَامُ جِدًّا. وَفِيهَا تَحَرَّكَ بَابَكُ الْخُرَّمِيُّ وَاتَّبَعَهُ طَوَائِفُ مِنَ السِّفْلَةِ وَالْجَهَلَةِ وَكَانَ يَقُولُ بِالتَّنَاسُخِ. وَسَيَأْتِي مَا آلَ أَمْرُهُ إِلَيْهِ. وَفِيهَا حَجَّ بالناس إسحاق بن موسى بن عيسى الهاشمي.

وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بن أسامة. وحماد بن مسعدة. وحرسى بْنُ عُمَارَةَ.

وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ. وَمُحَمَّدُ بْنُ محمد صاحب أبى السرايا الّذي قد كان بايعه أهل الكوفة بعد ابن طباطبا.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ

فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا بُويِعَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ بِالْخِلَافَةِ بِبَغْدَادَ وَخَلْعِ الْمَأْمُونِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَامِسُ الْمُحَرَّمِ صَعِدَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ الْمِنْبَرَ فَبَايَعَهُ النَّاسُ وَلُقِّبَ بِالْمُبَارَكِ، وَغَلَبَ عَلَى الْكُوفَةِ وَأَرْضِ السَّوَادِ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْجُنْدُ أَرْزَاقَهُمْ فَمَاطَلَهُمْ ثُمَّ أَعْطَاهُمْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَكَتَبَ لَهُمْ بِتَعْوِيضٍ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ، فَخَرَجُوا لَا يَمُرُّونَ بِشَيْءٍ إِلَّا انْتَهَبُوهُ، وَأَخَذُوا حَاصِلَ الْفَلَّاحِ والسلطان، واستناب عَلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ الْعَبَّاسَ بْنَ مُوسَى الْهَادِي، وَعَلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِسْحَاقَ بْنَ مُوسَى الْهَادِي.

وَفِيهَا خَرَجَ خَارِجِيٌّ يُقَالُ لَهُ مَهْدِيُّ بْنُ عُلْوَانَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ إِبْرَاهِيمُ جَيْشًا عَلَيْهِمْ أَبُو إسحاق المعتصم ابن الرشيد في جماعة من الأمراء فكسره ورد كيده. وفيها خرج أخو أبى السرايا فبيض بالكوفة فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ مَنْ قَاتَلَهُ فَقُتِلَ أَخُو أَبِي السَّرَايَا وَأُرْسِلَ بِرَأْسِهِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَتْ فِي السَّمَاءِ حُمْرَةٌ ثُمَّ ذَهَبَتْ وَبَقِيَ بَعْدَهَا عَمُودَانِ أَحْمَرَانِ فِي السَّمَاءِ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ، وَجَرَتْ بِالْكُوفَةِ حُرُوبٌ بَيْنَ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ الْمَأْمُونِ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا. وَعَلَى أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ السَّوَادُ، وَعَلَى أَصْحَابِ الْمَأْمُونِ الْخُضْرَةُ، وَاسْتَمَرَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ إلى أواخر رجب.

وفيها ظَفِرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ بِسَهْلِ بْنِ سَلَامَةَ المطوع فسجنه، وذلك أنه الْتَفَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ يَقُومُونَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَكِنْ كَانُوا قَدْ جَاوَزُوا الْحَدَّ وَأَنْكَرُوا عَلَى السُّلْطَانِ وَدَعَوْا إِلَى الْقِيَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَصَارَ بَابُ دَارِهِ كَأَنَّهُ باب دار السلطان، عَلَيْهِ السِّلَاحُ وَالرِّجَالُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أُبَّهَةِ الْمُلْكِ، فَقَاتَلَهُ الْجُنْدُ فَكَسَرُوا أَصْحَابَهُ فَأَلْقَى السِّلَاحَ وَصَارَ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالنَّظَّارَةِ ثُمَّ اخْتَفَى فِي بعض الدور، فَأُخِذَ وَجِيءَ بِهِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَجَنَهُ سَنَةً كَامِلَةً. وَفِيهَا أَقْبَلَ الْمَأْمُونُ مِنْ خُرَاسَانَ قَاصِدًا العراق، وذلك أن على بن موسى الرضى أَخْبَرَ الْمَأْمُونَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْفِتَنِ وَالِاخْتِلَافِ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ، وَبِأَنَّ الْهَاشِمِيِّينَ قَدْ أَنْهَوْا إلى الناس بأن المأمون مسحور ومسجون، وأنهم قد نقموا عَلَيْكَ بِبَيْعَتِكَ لِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَأَنَّ الْحَرْبَ قَائِمَةٌ بَيْنَ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>