للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّرْكَ وَذَلَّهُ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ثُمَّ عَادُوا إِلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ إِلَى الْبَصْرَةِ.

وَلَمَّا اسْتَكْمَلَ عُتْبَةُ فَتْحَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ فَأَذِنَ لَهُ فَسَارَ إِلَى الْحَجِّ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ أَبَا سَبْرَةَ بْنَ أَبِي رُهْمٍ، وَاجْتَمَعَ بِعُمَرَ فِي الْمَوْسِمِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يقيله فلم يفعل، وأقسم عليه لَيَرْجِعَنَّ إِلَى عَمَلِهِ. فَدَعَا عُتْبَةُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَمَاتَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ، وَهُوَ مُنْصَرِفٌ مِنَ الحج، فتأثر عَلَيْهِ عُمَرُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، وَوَلَّى بَعْدَهُ بِالْبَصْرَةِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَوَلِيَهَا بَقِيَّةَ تِلْكَ السَّنَةِ وَالَّتِي تَلِيهَا، لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِهِ حَدَثٌ، وَكَانَ مَرْزُوقَ السَّلَامَةِ فِي عَمَلِهِ. ثُمَّ وَقَعَ الْكَلَامُ فِي تِلْكَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَبِي بكرة فكان من أَمْرُهُ مَا قَدَّمْنَا. ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَالِيًا عَلَيْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

ذِكْرُ فَتْحِ تُسْتَرَ ثَانِيَةً عَنْوَةً وَالسُّوسِ وَرَامَهُرْمُزَ وَأَسْرِ الْهُرْمُزَانِ وَبَعْثِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: كَانَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رِوَايَةِ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ التَّمِيمِيِّ. وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ يَزْدَجِرْدَ كَانَ يُحَرِّضُ أَهْلَ فَارِسَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَيُؤَنِّبُهُمْ بِمَلْكِ الْعَرَبِ بِلَادَهُمْ وَقَصْدِهِمْ إِيَّاهُمْ فِي حُصُونِهِمْ فَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْأَهْوَازِ وَأَهْلِ فَارِسَ فَتَحَرَّكُوا وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا عَلَى حَرْبِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَقْصِدُوا الْبَصْرَةَ. وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَى سَعْدٍ- وَهُوَ بِالْكُوفَةِ- أَنِ ابْعَثْ جيشا كَثِيفًا إِلَى الْأَهْوَازِ مَعَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَعَجِّلْ وَلْيَكُونُوا بِإِزَاءِ الْهُرْمُزَانِ، وَسَمَّى رِجَالًا مِنَ الشُّجْعَانِ الْأَعْيَانِ الْأُمَرَاءِ يَكُونُونَ فِي هَذَا الْجَيْشِ، مِنْهُمْ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَجَرِيرُ بن عبد الله الحميري، والنعمان بن مقرن، وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي السَّهْمَيْنِ. وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ أَنِ ابْعَثْ إِلَى الْأَهْوَازِ جُنْدًا كَثِيفًا وَأَمِّرْ عَلَيْهِمْ سُهَيْلَ بْنَ عَدِيٍّ، وَلْيَكُنْ مَعَهُ البراء بن مالك، وعاصم ابن عمرو، ومجزأة بن ثور، وكعب بن ثور، وَعَرْفَجَةُ بْنُ هَرْثَمَةَ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، وَالْحُصَيْنُ بْنُ مَعْبَدٍ. وَلْيَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ جَمِيعًا أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمَدَدِ. قَالُوا: فَسَارَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ بِجَيْشِ الْكُوفَةِ فَسَبَقَ الْبَصْرِيِّينَ فَانْتَهَى إِلَى رَامَهُرْمُزَ وَبِهَا الْهُرْمُزَانُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْهُرْمُزَانُ فِي جُنْدِهِ وَنَقَضَ الْعَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَبَادَرَهُ طَمَعًا أَنْ يَقْتَطِعَهُ قَبْلَ مَجِيءِ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ رَجَاءَ أَنْ يَنْصُرَ أَهْلَ فَارِسَ، فالتقى معه النعمان بن مقرن بأربل، فَاقْتَتَلَا قِتَالًا شَدِيدًا، فَهُزِمَ الْهُرْمُزَانُ وَفَرَّ إِلَى تَسْتُرَ، وَتَرَكَ رَامَهُرْمُزَ فَتَسَلَّمَهَا النُّعْمَانُ عَنْوَةً وَأَخَذَ مَا فِيهَا مِنَ الْحَوَاصِلِ وَالذَّخَائِرِ وَالسِّلَاحِ وَالْعُدَدِ. فلما وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِمَا صَنَعَ الكوفيون بالهرمزان وأنه فَرَّ فَلَجَأَ إِلَى تَسْتُرَ، سَارُوا إِلَيْهَا وَلَحِقَهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ حَتَّى أَحَاطُوا بِهَا فَحَاصَرُوهَا جَمِيعًا، وَعَلَى الْجَمِيعِ أَبُو سَبْرَةَ [فَوَجَدُوا الْهُرْمُزَانَ قَدْ حَشَدَ بِهَا خَلْقًا كَثِيرًا، وَجَمًّا غَفِيرًا. وَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَسَأَلُوهُ أَنْ يُمِدَّهُمْ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِمْ. فَسَارَ إِلَيْهِمْ- وَكَانَ أَمِيرَ أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>