وفيها على ما ذكره العماد تولى القضاء محيي الدين محمد بن الزكي بدمشق. وفيها عدي أَمِيرُ مَكَّةَ دَاوُدُ بْنُ عِيسَى بْنِ فُلَيْتَةَ بن هاشم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ الْحَسَنِيُّ، فَأَخَذَ أَمْوَالَ الْكَعْبَةِ حَتَّى انْتَزَعَ طَوْقًا مِنْ فِضَّةٍ كَانَ عَلَى دَائِرَةِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، كَانَ قَدْ لُمَّ شَعَثُهُ حِينَ ضَرَبَهُ ذَلِكَ الْقِرْمِطِيُّ بِالدَّبُّوسِ، فلما بلغ السلطان خبره من الحجيج عزله وولى أخاه بكيرا، وَنَقَضَ الْقَلْعَةَ الَّتِي كَانَ بَنَاهَا أَخُوهُ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَأَقَامَ دَاوُدُ بِنَخْلَةَ حَتَّى تُوُفِّيَ بها سنة سبع وثمانين.
وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ
الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ
تَقِيُّ الدِّينِ عُمَرُ بن شاهنشاه بن أيوب، كان عزيزا على عمه صَلَاحِ الدِّينِ، اسْتَنَابَهُ بِمِصْرَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، ثم أقطعه حماه ومدنا كثيرة حولها في بِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَكَانَ مَعَ عَمِّهِ السُّلْطَانِ عَلَى عكا، ثم استأذنه أن يذهب ليشرف على بلاده المجاورة للجزيرة والفرات، فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهَا اشْتَغَلَ بِهَا وَامْتَدَّتْ عَيْنُهُ إِلَى أَخْذِ غَيْرِهَا مِنْ أَيْدِي الْمُلُوكِ الْمُجَاوِرِينَ له، فقاتلهم فاتفق موته وهو كذلك، والسلطان عمه غضبان عَلَيْهِ بِسَبَبِ اشْتِغَالِهِ بِذَلِكَ عَنْهُ، وَحُمِلَتْ جِنَازَتُهُ حَتَّى دُفِنَتْ بِحَمَاةَ، وَلَهُ مَدْرَسَةٌ هُنَاكَ هَائِلَةٌ كبيرة، وَكَذَلِكَ لَهُ بِدِمَشْقَ مَدْرَسَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَعَلَيْهَا أَوْقَافٌ كثيرة، وقد أقام بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ الْمَنْصُورُ نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ، فأقره صَلَاحُ الدِّينِ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ جُهْدٍ جَهِيدٍ، ووعد ووعيد، ولولا