للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدِيثِ أَكْثَرَ مَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَبْنَاءِ عَصْرِهِ- بَلْ وَمَنْ تَقَدَّمَهُ بِدَهْرٍ- كَيْفَ يُورِدُ فِي تَارِيخِهِ هَذَا وَأَحَادِيثَ كَثِيرَةً مِنْ هَذَا النَّمَطِ ثُمَّ لَا يُبَيِّنُ حَالَهَا، وَلَا يُشِيرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِشَارَةً لَا ظَاهِرَةً وَلَا خَفِيَّةً، وَمِثْلُ هَذَا الصَّنِيعِ فِيهِ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْمُغِيرَةُ بْنُ شعبة الثقفي، وقد قدمت ترجمته فيمن كان يخدمه عليه السلام من بين أَصْحَابِهِ مِنْ غَيْرِ مَوَالِيهِ، وَأَنَّهُ كَانَ سَيَّافًا عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ بِسَنَدِهِ عَنْ عَتِيقِ بْنِ يَعْقُوبَ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ هُوَ الَّذِي كَتَبَ إِقْطَاعَ حَصِينِ بْنِ نَضْلَةَ الْأَسَدِيِّ الَّذِي أَقْطَعُهُ إِيَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ، فَهَؤُلَاءِ كُتَّابُهُ الَّذِينَ كَانُوا يَكْتُبُونَ بِأَمْرِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

فَصْلٌ

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ أُمَنَائِهِ أَبَا عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ الْقُرَشِيَّ الْفِهْرِيَّ أَحَدَ الْعَشَرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وعبد الرحمن بن عوف الزهري. أَمَّا أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ ابن الجراح» وفي لفظ أن رسول الله قال لوفد عبد القيس نَجْرَانَ «لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» فَبَعَثَ مَعَهُمْ أَبَا عُبَيْدَةَ. قَالَ وَمِنْهُمْ مُعَيْقِيبُ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ الدَّوْسِيُّ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، كان على خاتمه، ويقال كان خادمه، وَقَالَ غَيْرُهُ أَسْلَمَ قَدِيمًا وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ في الناس، ثُمَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا، وَكَانَ عَلَى الْخَاتَمِ. وَاسْتَعْمَلَهُ الشَّيْخَانِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، قَالُوا وَكَانَ قَدْ أَصَابَهُ الْجُذَامُ فَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَدُووِيَ بِالْحَنْظَلِ فَتَوَقَّفَ الْمَرَضُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَقِيلَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ فاللَّه أَعْلَمُ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يحيى بن أبى بكير [١] عن أبى سلمة حدثني معيقيب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ قَالَ «إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً» وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ، زاد مسلم وهشام، الدستوائى. زاده التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْأَوْزَاعِيُّ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا خَلَفُ بن الوليد ثنا أيوب عن عُتْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سلمة عن معيقيب قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم. «ويل للأعقاب من النار» وتفرد بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَتَّابٍ سَهْلِ بْنِ حَمَّادٍ الدَّلَّالِ عَنْ أَبِي مَكِينٍ نُوحِ بْنِ ربيعة


[١] كذا مكرر في الأصل ولعل الصواب ابن أبى كثير كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>