للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن اياس بن الحارث بن المعيقيب عن جده - وكان على خاتم النبي قال: كان خاتم النبي من حديد ملوى عليه فضة، قال فربما كان في يدي.

قلت: أما خاتم النبي فالصحيح أنه كان من فضة فصه منه كما سيأتي في الصحيحين

وكان قد اتخذ قبله خاتم ذهب فلبسه حينا ثم رمى به وقال «والله لا ألبسه» ثم اتخذ هذا الخاتم من من فضة فصه منه ونقشه محمد رسول الله، محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر، فكان في يده ثم كان في يد أبى بكر من بعده ثم في يد عمر تم كان في يد عثمان فلبث في يده ست سنين، ثم سقط منه في بئر اريس فاجتهد في تحصيله فلم يقدر عليه. وقد صنف أبو داود رحمة الله عليه كتابا مستقلا في سننه في الخاتم وحده، وسنورد منه إن شاء الله قريبا ما نحتاج اليه وبالله المستعان. واما لبس معيقيب لهذا الخاتم فيدل على ضعف ما نقل أنه أصابه الجذام، كما ذكره ابن عبد البر وغيره، لكنه مشهور فلعله أصابه ذلك بعد النبي ، أو كان به وكان مما لا يعدى منه، أو كان ذلك

من خصائص النبي لقوة توكله كما قال لذلك المجذوم - ووضع يده في القصعة - «كل ثقة بالله، وتوكلا عليه» رواه أبو داود

وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله قال «فر من المجذوم فرارك من الأسد» والله أعلم.

وأما أمراؤه فقد ذكرناهم عند بعث السرايا منصوصا على أسمائهم ولله الحمد والمنة.

وأما جملة الصحابة فقد اختلف الناس في عدتهم، فنقل عن أبى زرعة أنه قال: يبلغون مائة ألف وعشرين ألف، وعن الشافعيّ أنه قال: توفى رسول الله والمسلمون ممن سمع منه ورآه زهاء عن ستين ألف، وقال الحاكم أبو عبد الله: يروى الحديث عن قريب من خمسة آلاف صحابى.

قلت: والّذي روى عنهم الامام احمد مع كثرة روايته واطلاعه واتساع رحلته وإمامته فمن الصحابة تسعمائة وسبعة وثمانون نفسا [ووضع في الكتب الستة من الزيادات على ذلك قريب من ثلاثمائة صحابى أيضا] وقد اعتنى جماعة من الحفاظ بضبط أسمائهم وذكر أيامهم ووفياتهم، من أجلهم الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري في كتابه الاستيعاب، وأبو عبد الله محمد ابن إسحاق بن مندة، وأبو موسى المديني، ثم نظم جميع ذلك الحافظ عز الدين أبو الحسن على بن محمد بن عبد الكريم الجزري المعروف بابن الصحابية، صنف كتابه (١) الغابة في ذلك فأجاد وأفاد، وجمع وحصل، ونال ما رام وأمّل، فرحمه الله وأثابه وجمعه والصحابة آمين يا رب العالمين.

تم الجزء الخامس من كتاب البداية والنهاية ويليه الجزء السادس وأوله باب ما يذكر من آثار النبي التي كان يختص بها في حياته من ثياب وسلاح إلخ


(١) اسمه (أسد الغابة) وهو مطبوع في خمس مجلدات.

<<  <  ج: ص:  >  >>