للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكى أن رسول الله حين قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عنه فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى. فقال: «نحن أحق بموسى منكم» فصامه وأمر الناس بصيامه، وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن ابن عباس وقد قال الله تعالى ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، * شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ﴾ الآية وقد تكلمنا على ذلك في التفسير بما فيه كفاية من إيراد الأحاديث المتعلقة بذلك والآثار المروية في ذلك والأحكام المستفادة منه ولله الحمد.

وقد قال الامام احمد حدثنا أبو النضر حدثنا المسعودي حدثنا عمرو بن مرة عن عبد الرحمن ابن أبى ليلى عن معاذ بن جبل. قال: احيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال فذكر أحوال الصلاة. قال وأما أحوال الصيام فان رسول الله قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء ثم إن الله فرض عام الصيام وأنزل ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ إلى قوله ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فاجزأ ذلك عنه، ثم إن الله أنزل الآية الأخرى ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ إلى قوله ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ فاثبت صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وأثبت الإطعام للكبير الّذي لا يستطيع الصيام فهذان حولان. قال وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا. ثم

إن رجلا من الأنصار يقال له صرمة كان يعمل صائما حتى أمسى فجاء إلى أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما، فرآه رسول الله قد جهد جهدا شديدا فقال: «ما لي أراك قد جهدت جهدا شديدا» فأخبره، قال وكان عمر قد أصاب من النساء بعد ما نام فأتى رسول الله فذكر ذلك له فانزل الله ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ﴾ إلى قوله ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾. ورواه أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه من حديث المسعودي نحوه وفي الصحيحين من حديث الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان عاشوراء يصام، فلما نزل رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر. وللبخاريّ عن ابن عمرو ابن مسعود مثله. ولتحرير هذا، موضع آخر من التفسير ومن الأحكام الكبير وبالله المستعان.

قال ابن جرير: وفي هذه السنة أمر الناس بزكاة الفطر، وقد قيل إن رسول الله خطب

<<  <  ج: ص:  >  >>