عند السلطان وولاه قضاء قضاة مصر للحنفية عوضا عن شمس الدين السروجي، واستقر ولده بدمشق قاضى قضاة الحنفية، ودرس بمدرستى أبيه الخاتونية والمقدمية، وترك مدرسة القصاعين والشبلية وجاء الخبر على يدي البريد بعافية السلطان من الوقعة التي كان وقعها فدقت البشائر وزينت البلد، فإنه سقط عن فرسه وهو يلعب بالكرة، فكان كما قال الشاعر:
حويت بطشا وإحسانا ومعرفة … وليس يحمل هذا كله الفرس
وجاء على يديه تقليد وخلعة لنائب السلطنة، فقرأ التقليد وباس العتبة. وفي ربيع الأول درس بالجوزية عز الدين ابن قاضى القضاة تقى الدين سليمان وحضر عنده إمام الدين الشافعيّ وأخوه جلال الدين وجماعة من الفضلاء، وبعد التدريس جلس وحكم عن أبيه باذنه في ذلك.
وفي ربيع الأول غضب قاضى القضاة تقى الدين بن دقيق العيد وترك الحكم بمصر أياما، ثم استرضى وعاد وشرطوا عليه أن لا يستنيب ولده المحب، وفي يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر أقيمت الجمعة بالمدرسة المعظمية وخطب فيها مدرسها القاضي شمس الدين بن المعز الحنفي، واشتهر في هذا الحين القبض على بدر الدين بيسرى واحتيط على أمواله بديار مصر، وأرسل السلطان بجريدة صحبة علم الدين الدويدارى إلى تل حمدون ففتحه بحمد الله ومنه، وجاء الخبر بذلك إلى دمشق في الثاني عشر من رمضان، وخربت به الخليلية وأذن بها الظهر، وكان أخذها يوم الأربعاء سابع رمضان، ثم فتحت مرعش بعدها فدقت البشائر، ثم انتقل الجيش إلى قلعة حموص فأصيب جماعة من الجيش منهم الأمير علم الدين سنجر طقصبا أصابه زيار في فخذه، وأصاب الأمير علم الدين الدويدارى حجر في رجله.
ولما كان يوم الجمعة سابع عشر شوال عمل الشيخ تقى الدين بن تيمية ميعادا في الجهاد وحرض فيه وبالغ في أجور المجاهدين، وكان ميعادا حافلا جليلا.
وفي هذا الشهر عاد الملك المسعود بن خضر بن الظاهر من بلاد الاشكرى إلى ديار مصر بعد أن مكث هناك من زمن الأشرف بن المنصور، وتلقاه السلطان بالموكب وأكرمه وعظمه. وحج الأمير خضر بن الظاهر في هذه السنة مع المصريين وكان فيهم الخليفة الحاكم بأمر الله العباسي. وفي شهر شوال جلس المدرسون بالمدرسة التي أنشأها نائب السلطنة بمصر وهي المنكوتمرية داخل باب القنطرة. وفيها دقت البشائر لأجل أخذ قلعتى حميمص ونجم من بلاد سيس.
وفيها وصلت الجريدة من بلاد مصر قاصدين بلاد سيس مددا لأصحابهم، وهي نحو ثلاثة آلاف مقاتل، وفي منتصف ذي الحجة أمسك الأمير عز الدين أيبك الحموي الّذي كان نائب الشام هو وجماعة من أهله وأصحابه من الأمراء. وفيها قلت المياه بدمشق جدا حتى بقي ثورا في