للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس يوم الفتح. وقد روى عن معاوية أنه قال: أسلمت يوم عمرة القضاء ولكنى كتمت إسلامي من أبى إلى يوم الفتح، وقد كان أبوه من سادات قريش في الجاهلية، وآلت إليه رياسة، قريش بعد يوم بدر، فكان هو أمير الحروب من ذلك الجانب، وكان رئيسا مطاعا ذا مال جزيل،

ولما أسلم قال: يا رسول الله مرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال: «نعم، قال ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال: نعم» ثم سأل أن يزوج رسول الله بابنته، وهي عزة بنت أبى سفيان واستعان على ذلك بأختها أم حبيبة، فلم يقع ذلك، وبيّن رسول الله أن ذلك لا يحل له. وقد تكلمنا على هذا الحديث في غير موضع، وأفردنا له مصنفا على حدة ولله الحمد والمنة. والمقصود أن معاوية كان يكتب الوحي لرسول الله مع غيره من كتاب الوحي . ولما فتحت الشام ولاه عمر نيابة دمشق بعد أخيه يزيد بن أبى سفيان، وأقره على ذلك عثمان ابن عفان وزاده بلادا أخرى، وهو الّذي بنى القبة الخضراء بدمشق وسكنها أربعين سنة، قاله الحافظ ابن عساكر. ولما ولى على بن أبى طالب الخلافة أشار عليه كثير من أمرائه ممن باشر قتل عثمان أن يعزل معاوية عن الشام ويولى عليها سهل بن حنيف فعزله فلم ينتظم عزله والتف عليه جماعة من أهل الشام ومانع عليا عنها وقد قال: لا أبايعه حتى يسلمني قتلة عثمان فإنه قتل مظلوما، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً﴾. وروى الطبراني عن ابن عباس أنه قال:

ما زلت موقنا أن معاوية يلي الملك من هذه الآية. أوردنا سنده ومتنه عند تفسير هذه الآية. فلما امتنع معاوية من البيعة لعلى حتى يسلمه القتلة، كان من صفين ما قدمنا ذكره، ثم آل الأمر إلى التحكيم، فكان من أمر عمرو بن العاص وأبى موسى ما أسلفناه من قوة جانب أهل الشام في الصعدة الظاهرة، واستفحل أمر معاوية، ولم يزل أمر على في اختلاف مع أصحابه حتى قتله ابن ملجم كما تقدم، فعند ذلك بايع أهل العراق الحسن بن على، وبايع أهل الشام لمعاوية بن أبى سفيان. ثم ركب الحسن في جنود العراق عن غير إرادة منه، وركب معاوية في أهل الشام. فلما تواجه الجيشان وتقابل الفريقان سعى الناس بينهما في الصلح فانتهى الحال إلى أن خلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الملك إلى معاوية بن أبى سفيان، وكان ذلك في ربيع الأول من هذه السنة - أعنى سنة إحدى وأربعين - ودخل معاوية إلى الكوفة فخطب الناس بها خطبة بليغة بعد ما بايعه الناس - واستوثقت له الممالك شرقا وغربا، وبعدا وقربا، وسمى هذا العام عام الجماعة لاجتماع الكلمة فيه على أمير واحد بعد الفرقة، فولى معاوية قضاء الشام لفضالة بن عبيد، ثم بعده لأبى إدريس الخولانيّ. وكان على شرطته قيس بن حمزة، وكان كاتبه وصاحب أمره سرحون بن منصور الرومي، ويقال إنه أول من اتخذ الحرس وأول من حزم الكتب وختمها، أو كان أول الأحداث في دولته .

<<  <  ج: ص:  >  >>