للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ اُنْفُخُوا حَتّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً * فَمَا اِسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اِسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً * قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا. ذكر الله تعالى ذا القرنين هذا وأثنى عليه بالعدل وانه بلغ المشارق والمغارب وملك الأقاليم وقهر أهلها وسار فيهم بالمعدلة التامة والسلطان المؤيد المظفر المنصور القاهر المقسط. والصحيح أنه كان ملكا من الملوك العادلين وقيل كان نبيا. وقيل رسولا. وأغرب من قال ملكا من الملائكة. وقد حكى هذا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فإنه سمع رجلا يقول لآخر يا ذا القرنين فقال مه ما كفاكم أن تتسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة ذكره السهيليّ. وقد روى وكيع عن إسرائيل عن جابر عن مجاهد عن عبد الله ابن عمرو قال كان ذو القرنين نبيا.

وروى الحافظ بن عساكر من حديث أبى محمد بن أبى نصر عن أبى إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن أبى ذؤيب حدثنا محمد بن حماد أنبأنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبى ذؤيب عن المقبري عن أبى هريرة قال قال رسول الله (لا أدرى أتبع كان لعينا أم لا ولا أدرى الحدود كفارات لأهلها أم لا ولا أدرى ذو القرنين كان نبيا أم لا). وهذا غريب من هذا الوجه. وقال إسحاق بن بشر عن عثمان بن الساج عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال كان ذو القرنين ملكا صالحا رضى الله عمله وأثنى عليه في كتابه وكان منصورا وكان الخضر وزيره. وذكر أن الخضر كان على مقدمة جيشه وكان عنده بمنزلة المشاور الّذي هو من الملك بمنزلة الوزير في إصلاح الناس اليوم. وقد ذكر الأزرقي وغيره أن ذا القرنين أسلم على يدي إبراهيم الخليل وطاف معه بالكعبة المكرمة هو وإسماعيل (١) وروى عن عبيد بن عمير وابنه عبد الله وغيرهما أن ذا القرنين حج ماشيا وأن إبراهيم لما سمع بقدومه تلقاه ودعا له ورضاه وأن الله سخر لذي القرنين السحاب يحمله حيث أراد والله أعلم * واختلفوا في السبب الّذي سمى به ذا القرنين فقيل لانه كان له في رأسه شبه القرنين. قال وهب بن منبه كان له قرنان من نحاس في رأسه وهذا ضعيف وقال بعض أهل الكتاب لانه ملك فارس والروم وقيل لأنه بلغ قرني الشمس غربا وشرقا. وملك ما بينهما من الأرض وهذا أشبه من غيره وهو قول الزهري وقال (٢) الحسن البصري كانت له غديرتان من شعر يطافيهما (٣) فسمى ذا القرنين وقال إسحاق ابن بشر عن عبد الله بن زياد بن سمعان عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال دعا ملكا جبارا إلى الله فضربه على قرنه فكسره ورضه. ثم دعاه فدق قرنه الثاني فكسره فسمى ذا القرنين وروى الثوري عن حبيب بن أبى ثابت عن أبى الطفيل عن على بن أبى طالب أنه سئل عن ذي القرنين فقال


(١) من هنا الى قوله قال وهب بن منبه إلخ لم يوجد بالنسختين المصريتين
(٢) من هنا الى قوله وروى الثوري لم يوجد بهما أيضا
(٣) كذا بالأصول

<<  <  ج: ص:  >  >>