للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» وقد استدل كثير من العلماء ممن ذهب إلى تفضيل عائشة على خديجة بهذا الحديث، قال: فإنه دخل فيه سائر النساء الثلاث المذكورات وغيرهن، ويعضد ذلك أيضا الحديث الّذي

رواه البخاري: حدثنا إسماعيل بن خليل ثنا على بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. قالت: «استأذنت هالة بنت خويلد - أخت خديجة - على رسول الله فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهمّ هالة، قالت عائشة: فغرت وقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر الأول، قد أبدلك الله خيرا منها؟» هكذا رواه البخاري، فأما ما يروى فيه من الزيادة: «والله ما أبدلني خيرا منها» فليس يصح سندها. وقد ذكرنا ذلك مطولا عند وفاة خديجة، وذكرنا حجة من ذهب إلى تفضيلها على عائشة بما أغنى عن إعادته هاهنا.

وروى البخاري عن عائشة أن النبي قال يوما: «يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى» وثبت في صحيح البخاري أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، فاجتمع أزواجه إلى أم سلمة وقلن لها: قولي له يأمر الناس أن يهدوا له حيث كان، فقالت أم سلمة: فلما دخل عليّ قلت له ذلك فأعرض عنى، ثم قلن لها ذلك فقالت له فأعرض عنها، ثم لما دار إليها قالت له

فقال:

يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليّ الوحي في بيت وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها»

وذكر أنهن بعثن فاطمة ابنته إليه فقالت: «إن نساءك ينشدونك العدل في ابنة أبى بكر بن أبى قحافة، فقال: يا بنية ألا تحبين من أحب؟ قالت: قلت بلى! قال: فأحبى هذه». ثم بعثن زينب بنت جحش فدخلت على رسول الله وعنده عائشة فتكلمت زينب ونالت من عائشة، فانتصرت عائشة منها وكلمتها حتى أفحمتها، فجعل رسول الله ينظر إلى عائشة ويقول: «إنها ابنة أبى بكر». وذكرنا أن عمارا لما جاء يستصرخ الناس ويستنفرهم إلى قتال طلحة والزبير أيام الجمل، صعد هو والحسن بن عليّ على منبر الكوفة، فسمع عمار رجلا ينال من عائشة فقال له:

اسكت مقبوحا منبوذا، والله إنها لزوجة رسول الله في الدنيا وفي الآخرة، ولكن الله ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أو إياها. وقال الإمام أحمد: حدثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا عبد الله بن خثيم حدثني عبد الله بن أبى مليكة أنه حدثه ذكوان - حاجب عائشة - أنه جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة فجئت - وعند رأسها عبد الله بن أخيها عبد الرحمن - فقلت: هذا ابن عباس يستأذن، فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال: هذا عبد الله بن عباس يستأذن - وهي تموت - فقالت: دعني من ابن عباس، فقال: يا أماه!! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلّم عليك

<<  <  ج: ص:  >  >>