للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى بنى مرة من أرض فدك فاستاق نعمهم، فقاتلوه وقتلوا عامة من معه وصبر هو يومئذ صبرا عظيما، وقاتل قتالا شديدا، ثم لجأ الى فدك فبات بها عند رجل من اليهود، ثم كر راجعا الى المدينة.

قال الواقدي: ثم بعث اليهم رسول الله غالب بن عبد الله ومعه جماعة من كبار الصحابة فذكر منهم أسامة بن زيد، وأبا مسعود البدري، وكعب بن عجرة ثم ذكر مقتل أسامة بن زيد لمرداس بن نهيك حليف بنى مرة وقوله حين علاه بالسيف: لا إله إلا الله، وأن الصحابة لاموه على ذلك حتى سقط في يده وندم على ما فعل. وقد ذكر هذه القصة يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن شيخ من بنى سلمة عن رجال من قومه أن رسول الله بعث غالب بن عبد الله الكلبي الى أرض بنى مرة فأصاب مرداس بن نهيك [حليفا لهم من الحرقة فقتله أسامة.

قال ابن إسحاق:

فحدثني محمد بن أسامة بن محمد بن أسامة عن أبيه عن جده أسامة بن زيد قال أدركته أنا ورجل من الأنصار - يعنى مرداس بن نهيك -] فلما شهرنا عليه السيف قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله أخبرناه فقال: «يا أسامة من لك بلا إله إلا الله» فقلت يا رسول الله إنما قالها تعوذا من القتل، قال «فمن لك يا أسامة بلا إله إلا الله» فو الّذي بعثه بالحق ما زال يرددها على حتى تمنيت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأنى أسلمت يومئذ ولم أقتله. فقلت إني أعطى الله عهدا أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا، فقال: «بعدي يا أسامة» فقلت بعدك.

قال الامام احمد: حدثنا هشيم بن بشير أنبأنا حصين عن أبى ظبيان قال سمعت أسامة بن زيد يحدث قال بعثنا رسول الله الى الحرقة من جهينة، قال فصبحناهم وكان منهم رجل إذا أقبل القوم كان من أشدهم علينا، وإذا أدبروا كان حاميتهم، قال فغشيته أنا ورجل من الأنصار، فلما تغشيناه قال لا إله إلا الله فكيف عنه الأنصاري وقتلته، فبلغ ذلك رسول الله فقال «يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟» قال قلت يا رسول الله إنما كان متعوذا من القتل، قال فكررها على حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت إلا يومئذ. وأخرجه البخاري ومسلم من حديث هشيم به نحوه.

وقال ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة عن مسلم بن عبد الله الجهنيّ عن جندب بن مكيث الجهنيّ قال: بعث رسول الله غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث الى بنى الملوح بالكديد وأمره أن يغير عليهم وكنت في سريته، فمضينا حتى إذا كنا بالقديد (١) لقينا الحارث بن مالك بن البرصاء الليثي فأخذناه فقال: إني إنما جئت لأسلم، فقال له غالب بن عبد الله إن كنت إنما جئت لتسلم فلا يضيرك رباط يوم وليلة، وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك، قال فأوثقه رباطا وخلف عليه رويجلا أسود كان معنا وقال: أمكث معه حتى نمر عليك فان نازعك فاحتز رأسه. ومضينا حتى


(١) كذا في الأصل والحلبية وهو اسم مكان قريب من مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>