رواه الترمذي في المناقب من جامعه منفردا به عن أبى عمار الحسين بن حريث عن الفضل بن موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبى زرعة بن عمر بن جرير عن جرير. قال قال رسول الله ﷺ:«إن الله أوحى إلى أي هؤلاء الثلاثة نزلت فهي دار هجرتك، المدينة، أو البحرين، أو قنسرين» ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث الفضل تفرد به أبو عمار.
قلت: وغيلان بن عبد الله العامري هذا ذكره ابن حبان في الثقات إلا أنه قال: روى عن أبى زرعة حديثا منكرا في الهجرة والله أعلم.
قال ابن إسحاق: لما أذن الله تعالى في الحرب بقوله ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ﴾ الآية. فلما أذن الله في الحرب وتابعه هذا الحي من الأنصار على الإسلام والنصرة له، ولمن اتبعه وأوى اليهم من المسلمين.
أمر رسول الله ﷺ أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج إلى المدينة والهجرة اليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار وقال:«إن الله قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها» فخرجوا إليها أرسالا وأقام رسول الله ﷺ بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة، فكان أول من هاجر الى المدينة من أصحاب رسول الله ﷺ من المهاجرين من قريش من بنى مخزوم، أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكانت هجرته اليها قبل بيعة العقبة بسنة حين آذته قريش مرجعه من الحبشة فعزم على الرجوع اليها ثم بلغه أن بالمدينة لهم إخوانا فعزم اليها.
قال ابن إسحاق: فحدثني أبى عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبى سلمة عن جدته أم سلمة قالت: لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحّل لي بعيره ثم حملني عليه وجعل معى ابني سلمة بن أبى سلمة في حجري، ثم خرج يقود بى بعيره، فلما رأته رجال بنى المغيرة قاموا اليه فقالوا هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه علام نتركك تسير بها في البلاد؟ قالت فنزعوا خطام البعير من يده وأخذونى منه، قالت وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد رهط أبى سلمة وقالوا والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، قالت فتجاذبوا ابني سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة، قالت ففرق بيني وبين ابني وبين زوجي. قالت فكنت أخرج كل غداة فاجلس في الأبطح فما أزال أبكى حتى أمسى - سنة أو قريبا منها - حتى مر بي رجل من بنى عمى أحد بنى المغيرة فرأى ما بى فرحمني، فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون من هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها؟ قالت فقالوا لي الحقي