إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ولكنه في التحريش بينكم، واتقوا الله في النساء فإنّهنّ عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإن لهن عليكم حقا ولكم عليهنّ حق أن لا يوطئن فرشكم أحد غيركم، ولا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه. فان خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهنّ بامانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها الى من ائتمنه عليها وبسط يده وقال: ألا هل بلغت! ألا هل بلغت! ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع.
قال حميد قال الحسن حين بلغ هذه الكلمة: قد والله بلغوا أقواما كانوا أسعد به. وقد روى أبو داود في كتاب النكاح من سننه عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن على بن زيد بن جدعان عن أبى حرة الرقاشيّ - واسمه حنيفة - عن عمه ببعضه في النشوز. قال: ابن حزم جاء أنه خطب يوم الرءوس وهو اليوم الثاني من يوم النحر بلا خلاف عن أهل مكة، وجاء أنه أوسط أيام التشريق فيحتمل على أن أوسط بمعنى أشرف كما قال تعالى ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾. وهذا المسلك الّذي سلكه ابن حزم بعيد والله أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا الوليد بن عمرو بن مسكين ثنا أبو همام محمد بن الزبرقان ثنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار وصدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر. قال: نزلت هذه السورة على رسول الله ﷺ بمنى وهو في أوسط أيام التشريق في حجة الوداع ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾ فعرف أنه الوداع فأمر براحلته القصواء فرحلت له ثم ركب فوقف للناس بالعقبة فاجتمع اليه ما شاء الله من المسلمين فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله. ثم قال: أما بعد أيها الناس فان كل دم كان في الجاهلية فهو هدر، وإن أول دمائكم أهدر دم ربيعة ابن الحارث كان مسترضعا في بنى ليث فقتلته هذيل. وكل ربا في الجاهلية فهو موضوع وان أول رباكم أضع ربا العباس بن عبد المطلب، أيها الناس إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر منها أربعة حرم رجب - مضر - الّذي بين جمادى وشعبان، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ﴿ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ﴾ كانوا يحلون صفرا عاما ويحرمون المحرم عاما ويحرمون صفر عاما ويحلون المحرم عاما فذلك النسيء.
يا أيها الناس من كان عنده وديعة فليؤدها الى من ائتمنه عليها، أيها الناس إن الشيطان قد يئس ان يعبد ببلادكم آخر الزمان وقد يرضى عنكم بمحقرات الأعمال فاحذروه على بمحقرات الأعمال، أيها الناس إن النساء عندكم عوان أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله لكم عليهنّ حق ولهن عليكم حق، ومن حقكم عليهنّ ان لا يوطئن فرشكم غيركم ولا يعصينكم في